دور النساء الأوروبيات في الحملة الصليبية الثالثة

من أرابيكا، الموسوعة الحرة

هذه هي النسخة الحالية من هذه الصفحة، وقام بتعديلها عبود السكاف (نقاش | مساهمات) في 06:30، 24 يناير 2023 (بوت:صيانة المراجع). العنوان الحالي (URL) هو وصلة دائمة لهذه النسخة.

(فرق) → نسخة أقدم | نسخة حالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

لعبت النساء الأوروبيات دورا مهما في الحملة الصليبية الثالثة (1189-1192)، كذلك في الحملات السابقة، ويبدو أن الكتابات التاريخية للمؤرخين -سواء على الجانب الأوروبي أو على الجانب المشرقي- قد أغفلت تغطية ذلك الدور، إلا أن الإشارات لذلك الدور بالرغم من تناثرها، إلا أنها تشير بوضوح إلى أنهن حملن السلاح وأظهرن شجاعة قتالية، كما قامو بمهام تجسسية مفصلية، وذلك إلى جانب الدور اللوجستي والإجتماعي المتمثل بتقديم الرعاية الصحية وإعداد الطعام وجلب مياه الشرب، كما أمسكت زمام المعاملات التجارية والإشراف على شوون الأعمال الزراعية والمعامل الصناعية، كصناعة الأحذية والصيانة وأفران الخبز، عدا عن المساهمة في صناعة الأسلحة التي كانت تستخدم في تلك الفترة التاريخية.

دور النساء الأوروبيات في الحملة الصليبية الثالثة
جزء من الحملة الصليبية الثالثة
إيلنور زوجة لويس السابع
معلومات عامة
التاريخ 585–587هـ \ 1189–1192م
الموقع الشَّام والأناضول بِشكلٍ رئيسيّ

مقدمة تاريخية

لم يكد البابا أوربانوس الثاني [1] يفرغ من إلقاء خطابه الشهير 1095م في مؤتمر كليرمونت - جنوب فرنسا أمام حشد كبير من الحضور والذي دعا فيه وبكل وضوح وعلانية إلى الاستيلاء على الأراضي المقدسة بعامة والمدينة المقدسة بخاصة حتى تداعي كثير من المتحمسين بترجمة أقواله إلى أفعال بالتبشير لهذه الدعوة في أنحاء مختلفة من بلدان الغرب الأوروبي، وأن تستعد الجيوش جنودا وفرسانا من أجل تحقيق هذه الرغبة بعد أخذ التراتيب اللازمة[2] وفي الوقت ذاته لم تتخلف المرأة الأوروبية هي الأخرى عن مثل هذه المشاركة، فأعلنت عن نيتها في أن تكون عنصرا فاعلا في تنفيذ هذا المشروع الاستعماري.[3] [4]

وعلى الرغم من أن المصادر الغربية والمصادر العربية المتوافرة لم تفصح عن الدور العسكري الذي اضطلعت به نساء الغرب الأوروبي في الحملة الصليبية الاولى قدر الاشارات المتناثرة هنا وهناك عن قيامها بأعباء اجتماعية تمثلت بصورة أساسية في تقديم الخدمات والرعاية الصحية للجموع الغفيرة من الصليبيين المشاركة في هذه الحملة، والتي تقدرها بعض المصادر بحوالي 8800 فارس و 818000 من المشاة[5]، عدا عن دورها الكبير في تقديم خدمات أخرى يصعب فيها على الرجال إنجازها بسهولة، کالاسعافات الأولية للجرحى من الجنود والفرسان في حال اندلاع حروب وتعرضهم لخطر الهجمات المفاجئة من الأطراف المعادية لهم، بالإضافة إلى التزامها في إعداد وجبات الطعام وجلب مياه الشرب لجموع الصليبيين المتجهة نحو المشرق الإسلامي.[6][7]

كان دور النساء الأوروبيات عسكريا سواء في الحملة الصليبية الأولى أو الحملة الصليبية الثالثة مبهما وغير واضع إلى حد ما، إذ يمكن القول ان هذا الغموض يعزى إلى عوامل ومسوغات عدة يأتي في مقدمتها أن المؤرخين الغربيين وبخاصة المعاصرين منهم للحملتين اعتادوا على عدم تناول نشاط النساء في صفوف الجيوش الصليبية، اعتقادا منهم أن مشاركتها في ميادين وساحات الحروب أمر مفروغ منه لا يخضع للجدال أو النقاش.[8][9]

وفي الوقت الذي نشرت فيه بعض المصادر العربية إلى الدور العسكري الذي خاضته بعض النساء الصليبيات في الحملة الصليبية الثالثة، فان هذه المصادر كذلك هي الأخرى غفلت مشاركتها في الحملة الصليبية الأولى، ولعل ذلك يعود إلی حرص وانشغال مؤلفيها الشديد الذين انكبوا على ابراز ما حل بالعالم الاسلامي من تشرذم وانحلال، وانقسامه بین خلافة عباسية سنية في بلاد الرافدين وخلافة فاطمية شيعية في الديار المصرية.[10][11][12] فضلا عن جهلهم وعدم معرفتهم بطبائع المرأة الأوروبية وعاداتها في عدم تحرجها من أن ترتدي زي الجنود والفرسان، ومساندتها لهم في ساحات المعركة والعمليات العسكرية.[13]

ظهر موقف المرأة هذا بصورة جلية، في أثناء الحصار الذي ضربته القوات الصليبية في الحملة الأولى حول أسوار المدينة المقدسة يوم الخامس عشر من رجب 492 هـ السابع عشر من يونيو (حزيران) 1099م، إذ دفعت الحماسة ببعض النساء الأوروبيات إلى حمل السلاح ومشاركة أبناء جلدتهن في التصدي لأفراد المقاومة الإسلامية [14] وإلى جانب ذلك، ساهمت تلك النساء في نصب الأبراج وترتيبها لتشديد الحصار على سكان المدينة واجبارهم على الاستسلام.[15] ووصف المؤرخ الصليبي وليم الصوري William of Tyre التزام المرأة الصليبية في هذه الحظة التاريخية الحرجة بقوله: «واجترأت النسوة بصرف النظر عن جنسهن على حمل السلاح، وحاربن بشجاعة تفوق طاقاتهن».[14] ولعل هذه الشجاعة تعبر عن الرغبة الحميمة عند كثير من النساء الأوروبيات في مساندة الحملة الصليبية الأولى التي اجتازت آلاف الأميال من أجل تحقيق رغبة البابوية والغرب الأوروبي في الاستيلاء على المدينة المقدسة وفرض السيادة الصليبية عليها.

دور المرأة الأوروبية بعد الاستيلاء على الأراضي المقدسة

في السنوات الأولى من الاستيلاء على مدينة بيت المقدس وولادة كيان صلیبي جديد فوق تراب الأراضي المقدسة، ظهرت امام الصليبيين تحديات وظروف استثنائية عصبية لم يكن من السهولة التغلب عليها وتذليلها، وهي الظروف التي لا بد وأنها أملت على المراة الأوروبية إلى جانب الجنود والفرسان ان تواصل حمل السلاح وان تكون على هبة الاستعداد للمواجهة من أجل صيانة ما تحقق من انجاز، ويأتي على رأس هذه التحدياتان أن الدويلة الصليبية الوليدة ظلت لفترة طويلة من الزمن هدفا لضريات المقاومة الفدائية التي وصفتها بعض المصادر الأوروبية المتوافرة بقولها: «ليس هناك بلاء أشد بلاء بالمرء... من عدو يكون له بالمرصاد على الابواب»[16] أعلى الرغم من الهزيمة النكراء التي لحقت بالجيوش الإسلامية.

فانتصارات الصليبيين المتتالية لم تحل دون أن يتمكن بعض الأفراد في الجانب الإسلامي من تشكيل مجموعات فدائية تتمركز في الكهوف ورؤوس الجبال، وبخاصة تلك المواقع التي أتاحت لهم رصد تحركات الصليبيين جنودا ومدنيين تم تنفيذ خططهم التي غالبا ما ضمنت لهم نجاح أسرهم جميعا أو بعضا منهم. وأن يكبدونهم خسائر في الأرواح ومصادرة ما لديهم من أسلحة [17]، وواصل الفدائيون تكرار مثل هذه العمليات، مما جعل الصليبيين يأخذون حذرهم الشديد في تنقلاتهم وتحركانهم غير الامنة [18] في اراض اغتصبت من أيدي أصحابها بقوة السيف وسفك الدماء التي لا زالت تحتفظ بها الذاكرة التاريخية.

ففي هذا الشان، يصف أحد المورخین حالة اضطراب الأمن وانعدام الهدوء الذي ساد البلاد التي خضعت للسيادة الصليبية بالقول: «.. ولم يكن ثم مسيحي؛ أي الصليبيين القادمين من الغرب الأوروبي، يسير في الطريق العام دون أن يأخذ حذره الشديدة، والا لقي الهلاك على ايدي الشرقيين؛ أي المجموعات الفدائية التي نذرت نفسها للدفاع عن الأرض المقدسة، أو وقع في أيد تسلم للاعداء فيسترقونه» [19] أي يصبح عبدا في خدمة آسريه. ولكن على الرغم من سيطرة ظاهرة الرعب والخوف في نفوس الصليبيين، وانعدام الأمن الذي هدد حياتهم، فقد بذل الحريصون منهم على ما تحقق من إنجاز بالتقليل من شأن هذا التوتر وطمأنتهم بانه سیزول مع الزمن؛ إذ بدأوا يشيعون بين القادمين الجدد حالة الضعف والانحلال السياسي والديني التي كانت تعصف بالعالم الإسلامي [20] ومما يؤكد هذه النظرة ما صدر عن المورخ الصليبي المعاصر للاحداث الأولى فوشيه الشارتري قوله:«لماذا خشيت كل هذه الامم وهذه الممالك الهجوم على مملكة صغيرة وشعب متواضع؟ لماذا لم يجمعوا من مصر ومن فارس ومن بلاد ما بين النهرين ومن سورية مئة الف مقاتل، ليزحفوا بشجاعة علينا ونحن أعداؤهم، لماذا لم يدمرونا... فيمحي ذكرنا عن وجه الأرض؟»[21]

لقد درجت العادة في كل المراحل التاريخية أن يسعى قادة وزعماء مستوطني الأرض التي لا يملكونها بعد انتزاعها من ايدي اصحابها بكل اساليب القوة والعنف إلى طمانة مواطنيهم بالعمل الجاد والصادق لازالة كل اسباب المخاطر الديمغرافية والامنية التي تحدق بالدولة وتهدد وجودها، وهنا لا بد من مشاركة كل اطياف المجتمع رجالا وشبابا ونساء في حمل السلاح صونا للدماء والخسائر المالية والمادية الجسيمة التي تكبدها الغرب الأوروبي[22] وان لا يدخروا جهدا سعيا وراء ترسيخ دعائم الأمن على كامل التراب الذي وقع تحت السيادة الصليبية.

يبدو أن الغرب الأوروبي لم يكن متوقعا ان المشكلة الديمغرافية ستكون بدايتها في المدينة المقدسة مهوی أفئدتهم كما اتضح ذلك في خطاب البابا أوربانوس الثاني، فما أن وقعت هذه المدينة تحت السيادة الصليبية حتى سارعت اعداد كبيرة فرسانا وجنودا ومدنيين إلى مغادرتها ليقيموا في المدن الساحلية، وفي مقدمتها مدينتي عكا[23] وحيفا (20)وأن يؤثر كثير منهم العودة إلى مسقط راسه في أوروبا (21). بعد أن رای انه التزم إلى أبعد حد باداء واجبه الديني والقومي وتحقيق رغبة البابوية: إذا أن رحيل نسبة كبيرة من الصليبيين عن المدينة تسبب إلى حد بعيد في تفاقم الخلخلة السكانية فيها إلى درجة جعلت المورخ الصليبي فوشيه الشارتري يحذر من خطورة نقص السكان في المدينة المقدسة بقوله. «بقيت أرض بيت المقدس فقيرة بالسكان، ولم يكن هناك من الناس ما يكفي للدفاع عنها ضد المسلمين اذا فكروا في الهجوم علينا» (22)

ويبدوان ملوك الصليبين، على الرغم من كل الجهود التي بذلت، لم يتمكنوا من إيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي عبر عنها المورخ المتأخر وليم الصوري إذ نجده يبعث برسائل تتضمن تحذيرا من خطورة نقص السكان على مستقبل القدس (العاصمة) فيما لو بقيت دون حل، حيث يقول: «وكان سكان قطرنا قليلي العدد قلة ملحوظة... اذ أنهم كانوا أقل من أن يشغلوا شارعا من شوارعها» (24). ومن بين الأسباب الأخرى التي لا بد وانها حثت المراة الصليبية دخول معترك الحياة العسكرية والوقوف إلى جانب الرجال في حمل السلاح هو حرصها الشديد على صون الانجازات التي تحققت للصليبيين ريثما تصل امدادات عسكرية جديدة من الغرب الأورويي.(25)

لقد كان الحلم بتحقیق نبوءة البابا أوربانوس الثاني بتحرير مدينة القبر المقدس، على حد زعمه، والتنعم بخيرات الأرض المقدسة سواء الزراعية منها أم التجارية، هو ما دفع بحماسة المراة الصليبية ليكون لها بصماتها في العمليات العسكرية الهادفة في النهاية إلى استكمال المشروع الصليبي فضلا عن مساهمتها الفاعلة في الميدان الاقتصادي. وبدأ دور المراة هذا آخذا في التطور والاستمرارية على خلفية الأحداث الخطيرة التي شهدتها المملكة الصليبية في أواخر عهدها واشتداد عود المقاومة الإسلامية وصلابتها.

ففي غمرة هذه الأحداث وبعد ثمان وثمانين عاما من الاستيطان الصليبي، وجد زعماء المملكة الصليبية وكبار قادتها أنهم أمام واقع سياسي وعسكري مرير يحتم عليهم وضع التراتيب التي يستوجب اتخاذها، ابتداء بحشد الجيوش واستدعاء كل من هو قادر على حمل السلاح استعدادا للمواجهة، وصيانة انجازات أسلافهم على الأصعدة كافة، سواء التجارية منها أم الزراعية أم الصناعية، وحتي على الصعيد الأمني الذي عانی الصليبيون مدنيون وعسكريون من غيابه. وخشيتهم من الحركة والسفر بين المدن والقرى، وبخاصة في السنوات الأولى من عمر المملكة الصليبية. كل هذه الإجراءات من حشد للجيوش والعساكر وبناء القوة العسكرية اللازمة، زاد من مسؤوليات المراة الأوروبية وواجباتها في إدارة أعمال زوجها وابنها وأي من ذويها من كان على صلة قربي منها. فما ان تحركت الحملة الصليبية الثالثة عام 1189م باتجاه المشرق الإسلامي (26) حتى تسلمت المراة الأوروبية زمام المعاملات التجارية والإشراف على شوون الأعمال الزراعية والمعامل الصناعية، كصناعة الأحذية والصيانة وأفران الخبز، عدا عن المساهمة في صناعة الأسلحة التي كانت تستخدم في تلك الفترة التاريخية (27).

يمكن القول بكل ثقة أن المراة الأوروبية في الأرض المقدسة هي الأخرى قد تحملت جزءا كبيرا من المسوولية بأشكالها كافة، العسكرية منها والتجارية والاجتماعية، وما إلى ذلك من مسؤوليات ومتاعب في خضم الأحداث المتسارعة، من توترات سياسية داخلية وأخطار خارجية شهدتها المملكة الصليبية انعكست بالتالي على وحدة وقوة مؤسساتها السياسية والإدارية، فشكل ضعفها وازدياد الصراعات الصليبية مقدمة حقيقية لانكماشها ونهاية وجودها۔

دور المرأة الأوروبية بعد تحرير الأراضي المقدسة وحصار مدينة صور اللبنانية

وصف كنبر من المؤرخين معركة حطين 1187م بانها كارثة كبيرة حلت بجموع الجيوش الصليبية التي زحفت من أنحاء مختلقة من الغرب الأوروبي، عدا عن القوات التي كانت تتواجدا اصلا في الأراضي المقدسة وتتولى واجب الدفاع عنها. (28)

ولا بد أن خسارة الصليبيين في هذه المعركة التي فقدوا فيها أعدادا لا تحصى من خيرة فرسانهم وجنودهم كانت بمثابة ضربة موجعة لم تمر بهم اشد ايلاما منها، إذ نجد أن النساء الأوروبيات كن أكثر شرائح المجتمع الصليبي تضررا بفقدانهن لأعز أقربائهن، سواء أزواجهن أو أبنائهن أو أخوانهن أو أي من أبناء جلدتهن، ذلك الحدث الأليم الذي ولّد في أعماق نفوسهن ظاهرة التشفي والانتقام، فاندفعت هؤلاء النساء بحماسة شديدة إلى حمل السلاح والمشاركة في العمليات العسكرية، وأن تهب کل واحدة منها حياتها فداء للاسری الذين وقعوا في قبضة القوات الإسلامية وفداء للدماء الغزيرة التي سالت في ساحة معركة حطين الفاصلة (29)

وفي أول رد عنيف شديد اللهجة، وصف الصليبيون الهزيمة النكراء التي حلت بخبرة جيوشهم في معركة حطين بقولهم: «والان قد دنست الارض الطاهرة التي فوض إلينا الرب الأزلي الحكم فيها.. .مما يفرض على مكانتنا. ان نوليها ما يستلزم منا الجرأة الوقحة ورد التعدي الذي يستجلب اللوم، ولن نشنها إلأ حربا... وارجاع كل ما اغتصبوه من أهله إلى أهله» (30). ولعل هذا الرد الغاضب يعبر عن حجم المأساة الأليمة التي اصابت سكان المملكة الصليبية رجالا ونساء والتي ذكرها جوشيوس رئيس اساقفة صور بـ «الطامة الكبرى» (31). ففي شأن المراة الأوروبية والوضع المرير الذي كان يهدد وحده أسرتها، يعلق المورخ أبو شامة على ذلك بقوله: «وكم قد سبي من النساء والأطفال، يباع الرجل وزوجته واولاده في المناداة بيعة واحدة .» (32). مما يعني أن الصليبيين أصبحوا عاجزين عن توفير الحد الأدنى من الأمن والأمان للنساء الصليبيات وأطفالهن، أو الحيلولة قدر استطاعتهم دون وقوعهن أسيرات في أيدي الجانب الإسلامي.

أمام انتصارات السلطان صلاح الدين الايوبي المتتالية وتهاوي المدن بأپدي جيوشه المقاتلة بتشكيلاتها كافة، وجدت أعداد لا بأس بها من الصليبيين مقاتلين ومدنيين خيارهم في اللجوء إلى مدينة صور اللبنانية (33) دون غيرها من المدن على الرغم من قربها من الأراضي التي كانت تجري فيها معارك الصراع على النفوذ للنجاة من المحنة القاسية التي حلت بالمملكة الصليبية، تلك المدينة التي عجزت الجيوش الإسلامية بما توافر لديها من سفن بحرية وأدوات حصار عن استردادها وبسط سيادتهم عليها مرتين: الأولى في يوليو (تموز) 1187م والثانية في نوفمبر (تشرين ثاني) من ذات العام ويعزو بعض المؤرخين هذا الفشل، الذي لم يتوقعه غالبية القادة المسلمين الذين أطاحوا بعرش المملكة الصليبية، إلى عامل الحصانة الطبيعية التي امتازت بها هذه المدينة.

فالمؤرخ الرهاوي المجهول يصف في كتابه حصانة مدينة صور بانها “ قابعة في قلب البحر “ (35)، في حين يقول الرحالة ناصر خسرو الذي عرج على المدينة 1047 م بانها بنيت على صخرة امتدت إلى الماء، بحيث أن الجزء الواقع على اليابس من قلعتها لا يزيد عن مائة ذراع والباقي في ماء البحر، والقلعة بنيت بالحجر المنحوت الذي سدت فجواته حتى لا يدخل الماء من خلالها (36).

يضيف بعض المؤرخين إلى أسباب صمود مدينة صور وتحديها وصول الماركیز كونراد دي مونتيفرات (37) إلى ميناء المدينة على راس سفينة تحمل على متنها، كما يبدو، أعدادا لا باس بها من الفرسان والمقاتلين ذوي الخبرة في فنون الحرب والعمليات العسكرية لمساندة الصليبيين في حربهم مع السلطان صلاح الدين الايوبي وقواته (38). إلا أن وصول هذه السفينة جاء بعد عشرة أيام من معركة حطين الفاصلة، مما اضطره مع من لجا إلى مدينة صور إلى وضع خطة عسكرية سريعة تستند بالدرجة الأولى إلى محاولة لملمة صفوف، المقاومة وبذل اقصی درجات القوة لإفشال الحصار الذي فرضته القوات الإسلامية (39) لإجبار سكان المدينة على الاستسلام والعودة إلى أوطانهم في الغرب الأوروبي التي وفوا منها مستعمرين ومتعطشين لسفك الدماء في بلاد المشرق الإسلامي وفي مقدمتها الأراضي المقدسة.

وترى بعض المصادر والدراسات التاريخية المتوافرة ان نجاح خطة الصليبيين في تقهقر القوات الإسلامية وتراجعها عن مواصلة حصار صور لم يقف عند حصانة المدينة الطبيعية ومناعتها فحسب، بل يعود إلى أن هذه القوات بعد معركة حطين التاريخية سرعان ما أخذت تعاني من ضعف في المعنويات القتالية، وتحريض كبار العساكر للمقاتلين بالتمرد والامتناع عن القتال بعد سنين طويلة من الصمود والتحدي انتهى بالإطاحة بالكيان الصليبي وزعزعة اركانه (40).

إن مثل هذه العوامل والمسوغات التي وردت في بعض المصادر التاريخية المتوافرة والدراسات المحدثة لا تغني عن البحث في أسباب أخرى كانت وراء انسحاب السلطان صلاح الدين الايوبي وتراجعه عن قراره في.اخضاع مدينة صور کغيرها من المدن التي دانت له، فالحديث عن شدة تحصينات المدينة وعظمة قلاعها، لا يقلل من شأنها في أن تكون سببا ذوا أهمية بالغة في هذا الانسحاب الذي عقب الانتصار المؤزر في معركة حطين التاريخية، وفي الوقت الذي أعلنت فيه بعض المجموعات الإسلامية تمردها وعصيانها عن مواصلة القتال، فإن أعدادا كبيرة من المقاتلين والتي كانت لا زالت تشعر بنشوة الانتصار لا بد أنها كانت ترى أنه ليس من المصلحة العامة أن تتخاذل في هذه اللحظة العصبية والمصيرية، بل ينبغي عليها أن تبقى تحت قيادة السلطان الايوبي وإمرته في تشديد الخناق على الصليبيين الذين لجأوا إلى مدينة صور، والذين لم يستفيقوا بعد من هول صدمة الهزيمة التي حلت بجيوش جرارة زحفت من بلدان مختلفة من الغرب الأوروبي. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فان القوات العسكرية التي صاحبت الماركیز كونراد دي مونتيفرات بعددها وعتادها لا يمكن أن تضاهي بقوتها قوة الجيوش الإسلامية وتنوع عتادها۔ وأمام هذه المعطيات يمكن رؤية ضغوط أخری توصف بشدة خطورتها غض مؤلفو المصادر التاريخية العربية المتوافرة والباحثون المحدئون الطرف عنها، تلك الضغوط التي تعرضت لها القوات الإسلامية في أثناء حصرارها لمدينة صور وتشديد الطوق على اللاجئين الصليبيين المتواجدين فيها، والذين كان غالبيتهم رجالا ونساء قد آمنوا بفكرة انه “لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد أن ذاقوا مرارة الهزيمة واللجوء والمبيت في العراء"، فمالوا إلى ابتكار واعتماد وسائل جديدة في المقاومة والتحدي قدر الاستطاعة وهي الحرب الخاطفة (41) التي تعرف اليوم بحرب العصابات. ألحقوا من خلالها خسائر فادحة في ارواح ومعدات القوات الإسلامية، ولعلها الأشد خطورة تلك الهجمات المفاجئة على سفن الأسطول الإسلامي الذي تالف من حوالي (1000) ألف سفينة وكانت ترابط أمام سواحل مدينة صور، مما دفع بالسلطان صلاح الدين الأيوبي على وجه السرعة إلى أن يصدر تعليماته للجموع المحاصرة، التي لم يتوقعها معظم الذين واكبوا انتصاراته، بأخذ كل الاجراءات اللازمة من أجل رفع هذا الحصار، وعلى الرغم من أن المصادر المتوافرة لم تنشر صراحة إلى الدور الفعلي للنساء الأوروبيات في إجبار السلطان صلاح الدين وقواته على الانسحاب، إلا أنه ورد إشارات عن الدور العسكري الذي أدته كثير منهن في أثناء تشديد حصار الجيوش الصليبية 1189م لمدينة عكا في الحملة الصليبية الثالثة.

دور المرأة الأوروبية المعنوي في الحملة الصليبية الثالثة

منذ أن بدأ أباطرة الغرب الأوروبي وعلى رأسهم الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الاسد دعوتهم لأبناء شعوبهم بالمشاركة في الحملة الصليبية الثالثة، سجلت المراة الأوروبية دورا فاعلا في دعم وتمويل هذه الحملة معنويا وماديا اسهاما منها في التخفيف من آثار الهزيمة التي لحقت باخوانها وحلفائها وما ترتب عليها من اطاحة بعرش المملكة الصليبية وخسائر جسيمة في الأرواح والاملاك التي استباحوها من صحابها الشرعيين في الحملة الصليبية الأولى والتي عجزت المصادر التاريخية والدراسات المحدثة عن تقدير تلك الثروات والاملاك.

ففي الجانب المعنوي أخذت المراة في الغرب الأوروبي تشد من أز أبنائها واخوانها وكل من يمت لها بصلة القرابة وتحثهم على المشاركة في هذه الحملة. هناك حالات لم تتورع فيها بعض الأمهات، والفرح والسرور يبدو على وجوهن، من ان يغرين أبنائهن على المشاركة بهذه الرحلة العسكرية، وابعد من كل هذا وذاك نرى أن كثيرا من النساء واللاتي وصفت ب «العرائس» ولم يمض على زواجهن بضعة أشهر أو بضع سنوات لم يدخرن كذلك جهدا في أن يقنعن أزواجهن بحماسة شديدة وطيب خاطر في أن يساهموا بما أوتوا من قوة لاستعادة هيبة الغرب الأوروبي ومقدراته في المشرق الإسلامي (42) وبخاصة بعد نداء الاستغاثة الذي جاء على لسان الملك الإنجليزي ريتشارد يدعو فيه جموع الصليبيين رجالا ونساها إلى شد الرحال وعدم التراخي في دعم الحملة الصليبية، وان كل من يشارك الحملة الصليبية سترتفع كانته ومنزلته، وانها سفرة جليلة لانها تقصد البقعة التي شهدت ميلاد السيد المسيح، عليه السلام، فلا بد من انتزاعها من ايدي «الوثنيين» (43) أي المسلمين الذين احتلوا الأراضي المقدمة على حد زعمه.

ويعزو بعض المؤرخين إلى ان إلحاح النساء الأوروبيات هذا يعودا إلى الحزن الشديد الذي كان ينتابهن لعدم قدرتهن على المشاركة إلى جانب أقاربهن وأزواجهن، بسبب ضعف قدرتهن الجسمانية في تحمل طول السفر ومشقاته (44). عدا عن خشيتهن من مخاطر المواجهات القتالية. وفي موضع آخر، يعزی اعتذار بعض النساء عن المشاركة في هذه الحملة التي أقرها الغرب الأوروبي إلى التوكيل الذي تطلب إدارة المصالح الزراعية والتجارية لابنائهن وأزواجهن وغيرهم من الأقارب إلى جانب العامل الاكتر أهمية وهو العناية بتربية اطفالهم الصغار طيلة فترة غيابهم وانشغالهم بالمواجهات العسكرية مع القوات الأسلامية (45)

لم يقف دور المراة الأوروبية عند التعبئة المعنوية فحسب. وانما شمل أيضا تقديمها دعما ماديا ليس بالقليل اسهاما منها في تمويل الأعداد الكبيرة من الجيوش الصليبية التي أخذت تستعد لمغادرة الأراضي الأوروبية باتجاه الأراضي المقدسة (46) ومما يدعم هذا الرأي أن كثيرا من النساء في أوروبا قد عملن إلى جانب ازواجهن في عمليات البيع والشراء. بل إن بعضهن كن يملكن مشاريع تجارية وصناعية خاصة، سواء في صناعة النسيج أو امتلاك محلات بيع الأطعمة والالبسة والخمور، وغيرها من الأعمال والحرف التي تدر الأموال الوفيرة (47) فما أن وصلت أنباء هزيمة الصليبيين في معركة حطين 1187م إلى شعوب الغرب الأوروبي حتى سارعت بعض النساء إلى تلبية نداءات القادة الصليبيين لتسير الحملة.

ومن الأمثلة البارزة على مثل هذه المشاركة من جانب المراة الأوروبية، ما تناولته بعض المصادر الغربية المتوافرة عن الملكة جوانا ملكة صقلية (48) وأخت الملك الإنجليزي ريتشارد عن تنازلها وان لم يكن بمحض ارادتها بل بضغط من اخيها عن جزء كبير من ثرواتها المادية وبيع أملاكها، فضلا عن إصرارها في ان تلتحق بنفسها في صفوف القوات الصليبية (49). وحقيقة الأمر، لم تكن جوانا هي الوحيدة بين النساء الأوروبيات النبيلات التي جادت بأملاكها خدمة للاهداف التي خرجت من اجلها الحملة الصليبية الثالثة. فقد ورد في بعض المصادر المتوافرة أن الملك الإنجليزي ريتشارد قد تفاجا أن والدتها إليانور لم تخف هي الأخرى رغبتها في أن تشارك ابنها الحملة، ويصحبتها فتاة نبيلة هي ابنة ملك نافارا (50) وتدعى برنجاريا التي أرادتها زوجة له (51)

وعلى الرغم من أن المصادر المتوافرة الغربية منها والشرقية لا تشير بما فيه الكفاية إلى دور النساء النبيلات في تمويل ودعم الحملة الصليبية الثالثة. الا ان أن ما توافر من معلومات عن مثل هذه المشاركة قد شكل قدوة مثالية وحافزا قويا للنساء الأوروبيات من الطبقة العامة حتى بعض اللاتي لا يملكن زيادة عن قوت عيشهن. ففي أثناء التحقيق مع الأسرى الذين وقعوا في قبضة الجيش الإسلامي في أحد الاشتباكات حول مدينة عكا جاء اعتراف أحدهم بان والدته التي هو وحيدها، لم تجد ما تقدمه للحملة الصليبية سوى أن تعلن عن بيع منزلها الذي يأويها (52)

ويعتقد أن كثيرا من النساء قد حذون حذوها إلى درجة لم يعد باستطاعة السفن المتوافرة من أن تحمل الجموع الغفيرة التي أخذت استعداداتها كافة ووصلت إلى موانئ بحار إنجلترا وفرنسا وألمانيا وغيرها (53) وغالبيتها العظمى من زهرات شباب وفتيات أوروبا وبخاصة القوات التي كانت تحت إمرة الإمبراطور الألماني فردريك بربروسا، ويرددون شعارهم الذي يعتزون به «المجد لنا والهلاك لعدونا» (54) وانها أي جموع الصليبين تكن حبها للسيد المسيح وتسعيا إلى المجد والتقوى (55) على حد زعم بعض مورخي الحملات الصليبية.

الدور الأمني والاستخباراتي للنساء الأوروبيات

لقد سجلت النساء الأوروبيات في الحملة الصليبية الثالثة حضورا واضحا وجليا حين أصرت اعداد كبيرة منهن على أن يكن جزءا فاعلا وصانع قرار في ميادين المعركة العسكرية التي عزم أباطرة الغرب الأوروبي تسييرها إلى الأراضي المقدسة بعد ان أتموا استعداداتهم كافة، في محاولة منهم لإحياء مجد المملكة الصليبية واستعادة هيبة الغرب الأوروبي ونفوذه. وكما هي العادة فقد تكتمت المصادر العربية المتوافرة ولم تفصح عن أعداد النساء الأوروبيات اللاتي وفدن مع الحملة الصليبية الثالثة، في حين اشارت بعض المصادر العربية المتوافرة ما نصه (56):

«وصلت في مركب ثلاثمائة إمراة فرنجية مستحسنة، متحلية بشبابها وحسنها متزينة .. وانتدبن واغترین لاسعاف الغرباه .. .. فوصلن وقد سلين انفسهن ، وأنهن لا يمتنعن عن العزيان ... واستدعين النصول منهن إلي الأغماد .. وجمعن قرون كباش النطاح في الشباك... واطلع الأشرار على الأسرار .. فمنه من رضي للذة بالذلة»

وعلى الرغم من أن مؤلفي هذه المصادر لم يشيروا من قريب أو بعيدا إلى المصادر التي استقوا منها مثل هذه المعلومات شديدة الحساسية... إلا أن مصدرها قد يعود إلى بعض عيون المسلمين التي كانت تجوب بعض المعسكرات الصليبية کباعة متجولين أو عمال يعملون في خدمة الصليبيين. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، وحينما تتحدث هذه المصادر عن أعداد النساء الكبيرة في مركب واحد، فهذا يعني ان المراكب والسفن الضخمة لابد وأنها حملت على متنها مجموعات هائلة من النساء يفوق تلك التي وردت في المصادر آنفة الذكر، مما يرجح أن هولاء النساء ليس من مهمتهن الترفيه عن الفرسان والجنود الصليبيين فحسب، بل اسندت إليهن مهمات أمنية (استخباراتية) وعسكرية. فما ورد من حديث عن النساء الجميلات وما يتمتعن به من زينة لم يكن بقصد الترفيه بقدر ما هو تغطية للهدف الذي كان پرمي إليه الملك الإنجليزي ريتشارد وغيره من زعماء وقادة الحملة الصليبية الثالثة - وكما يفهم من النص الذي ورد سابقا- نرى انه يحمل في طياته تحذيرا من خطر تسخير النساء اللاتي يمتلكن الحنكة والخبرة وما إلى ذلك من أساليب إغواء وإغراء، بأن يعملن كجهاز استخباراتي وأداة لبث الفتنة وإحباط معنويات ضعاف النفوس في الجانب الإسلامي، أو محاولة إسقاطهم ثم اجبارهم على أن يكونوا عيونا في خدمة الصليبيين وجمع معلومات دقيقة تساعدهم في الكشف عن أسرار خطيرة وشديدة الحساسية تتعلق بخطط المسلمين الحربية واستعداداتهم العسكرية.

ومن الاشارات الأخرى التي تشي ببراعة الملك الإنجليزي ريتشارد في حث النساء الأوروبيات على مساعدة الصليبيين في الأمور الأمنية والاستخباراتية أملا في تسريع تحقيق الأهداف التي من أجلها خرجت الحملة الصليبية الثالثة، حين بعث برسائل إلى النساء الصليبيات اللاتي ولدن في الاراضي المقدسة ودعاهن بـ «الفلسطينيات» يعرض عليهن فيها إغراءات مالية كبيرة، ولضمان قبولهن بهذا العرض أخذ بتذكيرهن بهول النكبة التي اهتز لها العالم الغربي، وما حل بهن من طرد من منازلهن وانتزاع ما حققنه من أملاك وثروات طيلة إقامتهن في الأراضي المقدسة. (57) وزيادة في كسب تعاطف النساء وخدماتهن، عمد ريتشارد كما يبدوا إلى تشجيعهن للعمل في حقل التجارة في اثناء الحصار الصليبي الذي فرض حول مدينة عكا،(58) ليس بهدف جمع ثروة المال فحسب، بل كان يدرك هذا الملك أن اختلاطهن بالتجار المسلمين وعامة الناس منهم، قد يحدث نوعا من الاختراق الأمني في صفوف القوات الإسلامية المرابطة في مواجهة القوات الصليبية إلى حد جعل أحد المؤرخين يصف شجاعة هؤلاء النساء بقدرتهن الفائقة على تشكيلهن مصدر جزع ورعب، مما دفع الطرف الإسلامي إلى تكليف خلية عُدت خصيصا لأسر كل أمراة اشتبه بقيامها بأعمال تجسسية ونقل أخبارا منية خطيرة لصالح الجانب الصليبي (59).

إن معرفة النساء الصليبيات وخبرتهن في مجال التجسس هو ما دفع بعض القادة في الجانب الأسلامي إلى التفكير بمنازعة الجانب الصليبي في هذا الشان، ولا شك ان هذا العمل قد تطلب من بعض القادة المسلمين إلى بذل اقصى جهد والتفكير بجدية استمالة النساء الأوروبيات للعمل في خدمة تراتيب الأمن الإسلامي واستخباراته واستندت هذه الخطة إلى تأمين الحماية لكل امراة أوروبية طالما استمرت تعمل بسرية تامة في نقل أخبار الصليبيين الأمنية وخططهم العسكرية، بل فاقت إغراءاتهم - كما يبدو- إغراءات ريتشارد ، فالملك العادل (60) أخو السلطان صلاح الدين الأيوبي - الذي عرف عنه الحنكة السياسية والدهاء لم يتردد في أن يرصد مبلغا كبيرا من المال يفوق ما رصدته الجهات الصليبية لتنفيذ هذه الرغبة، وفي ذلك يقول إبن سعيد المغربي عن الملك العادل في أثناء حصار عكا «وكان يصوغ الحلي لنساء الفرنج ويوجهه في الخفية إليهن حتى يمسكن أزواجهن عن الحركة. وكانت النساء الصليبيات وقتئذ كثيرات الاعجاب بمصنوعات دمشق من الحلي والجواهر وثياب الوشي والديباج والمقانع الحريرية. وأصناف الطيب... فلا عجب اذا كان بعضهن لا يملكن انفسهن من التشوق إلى احراز شيء منها» (61)

ويفهم من هذا القول أن هناك من النساء الأوروبيات من رضين ان يسخرن أنفسهن في فضح تراتيب الصليبيين الأمنية واستعداداتهم العسكرية للجانب الإسلامي، بل تحذير ازواجهن أو أي من اقاربهن أو أصدقائهن من زج أنفسهم في أتون حرب مجهولة العواقب أو النتائج. وفي الوقت ذاته لا بد ان يكون هناك من النساء الأوروبيات من رفضن الاستسلام لكل المحاولات والإغراءات المادية التي تقود في النهاية إلى خيانة أبناء جلدتهن من الأوروبيين، فآثرن القتال في ساحات المعركة إلى جانب الجنود والفرسان الأمر الذي أدى بالكثير منهن إلى الوقوع في القيد والأسر وتحمل كل أشكال وأساليب التعذيب في سبيل أن تبقى حماسة القوات

الصليبية وسر تكتيكاتها العسكرية.

لقد كان لمثل هؤلاء النساء الأوروبيات دور لا يستهان به في الاستبسال في ميادين المقاومة والمواجهة في أثناء الحصار الذي ضربة الصليبيون حول مدينة عكا، والتي تعبر عن حماستهن الشديدة ورغبتهن الجامحة في استرداد صورة المقاتل الأوروبي الذي لا يقهر. فبينما كان سكان المدينة المسلمون قد فرغوا من حفر الفنادق العميقة واقامة التلال الترابية ظنا منهم انها قد تحميهم من الهجمات الصليبية وعواقبها، جهدت بعض النساء الأوروبيات إلى جانب الرجال مقاتلين وغير مقاتلين في جمع أكوام كبيرة من الأتربة والحجارة ثم ردمها في الخنادق المحيطة بالمدينة من أجل طمها وتسويتها بالارض، وفي اثناء ذلك، تعرضت بعض النساء

الأوروبيات لخطر الاسلحة التي كان يرمي بها المقاتلون المسلمون على الذين يشاركون في عمليات طم الخنادق وازالة المتاريس التي تعيق عمليات اقتحام الصليبيين للمدينة. فقد ورد في بعض المصادر المتوافرة، أنه وبينما كانت إحدى النساء الأوروبيات تشارك في هذه المهمة، تلقت ضربة سهم قاتلة لم تستطع كل الاسعافات والعلاجات التي قدمت لها إنقاذها من الموت والغريب الأمر أنها أوصت زوجها قبل ان تفارق الحياة أن تدفن في الخندق الذي عملت على طمه حتى تساهم بجسدها بعملية الردم (62) في ذلك المكان الذي اعتبرته موقع تصدي ومقاومة. ولعل في وصيتها تلك رسالة لكل النساء اللاتي اجتمعن من مختلف البلدان الأوروبية بوجوب الصمود والثبات والرضا بالموت على الاستسلام للهزيمة أو الخضوع لكل اغراءات الجانب الإسلامي المادية باشكالها وأنواعها كافة.

دور المرأة الأوروبية العسكري في الميدان البحري

وعلاوة على كل أشكال النضال والمقاومة، ابتداء باسهاماتها المعنوية والمادية، ثم عدم ترددها في أن تتدرب على اساليب التجسس على كل ما يحصل من تراتيب أمنية وخطط حربية في خيام المسلمين ومعسكراتهم، وتعريض حياتها لخطر الموت في أثناء عملها الشاق في طم الخنادق التي تعيق عمليات تحركات الصليبيين الحربية، فإن المراة الأوروبية بلغت شأنا بعيدا حين لم تتوان على ان تواصل أغلى تضحياتها في المشاركة الفعلية في الميادين العسكرية البحرية منها والبرية في اثناء حصار مدينة عكا. ففي الجانب البحري كانت سفن القوات الصليبية، وفي مقدمتها السفن المعروفة به البطاسة والتي قدرت حمولتها ما بين ثلاثمائة وسبعمائة مقاتل ترابط في عرض البحر (63). ولا جدال أن مثل هذه الحروب تحتاج إلى نوع من المهارة والجرأة وخفة الحركة. ذلك ما تميزت به بعض النساء الأوروبيات اللاتي استطعن مع غيرهن من المقاتلين من الترصد لأحد القوارب الإسلامية الذي كان يقوم بمهمة استطلاعية. إذ استطاع الصليبيون محاصرته وحالوا دون تمكن من على متنه من المقاتلين المسلمين من الفرار أوالنجاة، فقبضوا عليهم جميعا (64). وبلغت شده انتقام النساء الأوروبيات اللاتي شاركن في هذه العملية التي اعدت بالنوعية أن سارعن- كما تشير بعض المصادر التاريخية المتوافرة - إلى القبض عليهم من نواصيهم (أي مقدمة الراس) ثم إقدامهن، وبمعاملة لا تعرف الرحمة، بالإمعان في تعذيب كل واحد من الأسرى قبل الموت باستخدام المدى والسكاكين بدلا من السيوف في قطع رؤوسهم وجز أعناقهم عن أجسادهم (65).

ولا شك أن أسلوب التعذيب هذا الذي مارسته النساء المقاتلات من الأوروبيين بحق الأسرى البحريين المسلمين، بطريقة بعيدة عن الرحمة أو الشفقة، جاء ردا وانتقاما على ما حل بأخواتهن الصليبيات اللاتي فقدن اناسا أعزاء عليهن بعد معركة حطين التاريخية 1187م وما أعقبها من انهيار کیان كان قد كلف الغرب الأوروبي الالاف من أرواح خيرة الجنود والفرسان عدا عن المبالغ المالية الطائلة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يبدو أن شدة البطش هذه كانت ترمي إلى بث الخوف والذعر في نفوس المقاتلين المسلمين وتحذير السفن الإسلامية من محاولات اعتراض أي من السفن الصليبية، سواء التجارية منها أو الحربية.

وفي حادثة أخرى من حوادث مقاومة الصليبيين البحرية التي تحدثت عنها بعض المصادر التاريخية المتوافرة، وصلت جرأة وشجاعة إحدى مجموعاتهم القتالية التي يُعتقد أن النساء الأوروبيات كن جزءا منها كما يفهم ما ورد عند المورخ إبن الأثير قوله عن الصليبيين في لقاء حصار عكا «فحضروا وحشدوا حتى النساء. فإنهم كانوا معهم عدة من النساء» (66). إن سفنهم التي كانت ترابط على الدوام وتراقب السواحل الشامية والمصرية قد تمكنت عام 1190م من اعتراض إسطول تالف من خمسين سفينة بحرية قائمة من الديار المصرية وعلى متنه مساعدات عسكرية ضخمة للقوات الإسلامية بقيادة السلطان صلاح الدين الايوبي، ولكن كل محاولات اعتراض هذا الأسطول ومصادرة حمولته قد باءت بالفشل (67) الذي يعود- كما يبدو إلى ضخامته وطوق الحراسة المشددة التي فرضت حوله في أثناء البحارة، فضلا عن عيون المراقبة الامنية السرية ودقة يقظتها.

دور المرأة الأوروبية العسكري في الميدان البري

عندما بدات طلائع الجيوش الصليبية بالوصول إلى أسوار مدينة عكا، صاحبت النساء الأوروبيات الجنود والفرسان والقطاعات القتالية كافة في نصب الخيام والمعسكرات في المواقع التي اتفق الملوك والقادة العامون لهذه الجيوش وفي مقدمتهم الملك الألماني فردريك بربروسا والملك الإنجليزي ريتشارد والملك الفرنسي فيليب أغسطس على إقامتها استعدادا لتشديد الحصار على المدينة وإجبار سكانها المسلمين بقوة السيف على إخلائها.

ولما أدرك السلطان صلاح الدين الايوبي حجم الخطورة الذي باتت تشكله هذه المعسكرات على سكان عكا، وحفاظا على سلامتهم وثباتهم وعدم تسللهم خفية للهروب منها، كانت القوات الإسلامية ولإشغال المقاتلين الصليبيين تشن بصورة دائمة ومستمرة غاراتها على معسكراتهم التي لم تخل من النساء الأوروبيات (68) اللائي أخذن على أنفسهن عهدا كغيره من المقاتلين من الجنود والفرسان بـ «إحياء مجد الغرب الأوروبي». ففي حدي الوقائع عام 1190م حول مدينة عكا والتي وصفت بأنها حامية الوطيس، تسلل بعض فرسان وجنود المسلمين إلى عدد من خيام ومعسكرات الصليبيين وبعد مواجهة عنيفة تمكنت القوة الإسلامية من اسر عدد من النساء الأوروبيات اللاتي وقفن بصمود وعنفوان إلى جانب اقرانهن الصليبيين في التصدي ومحاولة رد الهجوم الإسلامي (69).

لقد رأت المرأة الأوروبية أن من واجبها أن تتخندق في ميادين القتال، ليس كجندية مقاتلة، وانما عزمت على ان تكون في مقدمة صفوف المقاتلين وتواجه خصمها كفارسة ترتدي زي الرجال؛ لا تخاف الموت ولا تخشى الاسر في ساحات المعارك والصدام. فقد جاء على لسان أحد المؤرخين المسلمين، وفي واحدة من المواجهات التي جرت خارج مدينة عكا 1189م أن بعض المقاتلين في الجانب الإسلامي شاهدوا ثلاث نساء من نساء الأوروبيين كل واحدة منهن تتصدى وتقاتل من على ظهور الخيول، ويبدو ان البطولة والشجاعة التي ظهرت على كل منها، هو ما دفع الجانب الإسلامي على ترتيب خطة استندت إلى نصب كمين بمتابعة تحركاتهن وانشغالهن بالقتال، أدى في النهاية إلى وقوع اثنتين منهما أسيرات حرب في السجون الإسلامية ومعتقلاتها (70)

إن مهارة الفروسية التي اكتسبتها بعض النساء الأوروبيات، هي جزء من الدور القتالي الذي وصفته المصادر الغربية المتوافرة بأنه «أمر مفروغ منه» قد شاركن فيها في الحملتين الصليبيتين الأولى والثالثة على الأراضي المقدسة، تلك المهارة وبخاصة امتطاء المراة الأوروبية لظهور الخيل سواء اعتلائها في ميادين السباق أو للفروسية في جبهات القتال التي دارت حول مدينة عكا، لا بد أنها تلقت تدريباتها هذه قبل التفكير

بالحملة الصليبية الثالثة بزمن بعيد، ومما يدعم هذا الرأي أنه ظهر في الغرب الأوروبي وبخاصة في فرنسا نوع من الخيول عرفت باسم «بیرشورون» (71) Perchoron تلك الخيول التي عدت من أبرز الأسلحة استخدمها الفرسان الصليبيون طيلة عامين في معاركهم وقتالهم ضد الجانب الإسلامي. وبلغت شدة اعجاب الفرسان المسلمين ودهشتهم بمهارة بعض النساء الأوروبيات في ميادين قتال الفروسية، بقولهم في شأنها : «وكان داخل سورهم إمراة عليها ملوطة خضراء (72) فما زالت ترمینا بقوس من خشب حتى جرحت منا جماعة. وتكاثرنا عليها وقتلناها، واخذنا قوسها وحملناها إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي، فعجب من ذلك عجبا عظيما».

ولا شك ان حديث المورخ عن اجتماع الفرسان المسلمين وتكاثرهم حول مثل هذه المراة الأوروبية وهي ما زالت تقاتل بشجاعة ودون خوف من الأسر أو الإحساس برهبة الموت ومفارقة الحياة ما يشير بصورة لا تحتمل اللبس إلى المهارات الفائقة والتدريبات الشاقة التي خاضتها هذه المرأة وغيرها قبل أن تبرز بطولاتها وقدراتها على دقة تصويب أهدافها في ساحات القتال والمواجهة.

خاتمة

إن المراة الأوروبية سواء تلك التي عاشت أو ولدت في الأراضي المقدسة في اثناء خضوعها للسيادة الصليبية أو تلك التي قدمت مع جموع الصليبيين الذين احتشدوا من كل حدب وصوب في حملة عرفت بالحملة الصليبية الثالثة قد أدت - كما يتجلى ذلك في بعض المصادر العربية والغربية المتوافرة - دورا يفوق الدور الذي قامت به في الحملة الصليبية الأولى، في محاولة منها إلى جانب الرجال فرسانا وجنوبا تلبية استغانة الصليبيين ونداءاتهم بعد الخسارة الكبيرة التي منيت بها الجيوش الصليبية في معركة حطين التاريخية 1187م، وتسببت في تشريد سكان المملكة الصليبية التي تحتضن قبر السيد المسيح (الضربح المقدس) بعد (88) ثمان وثمانين عاما من الاستيطان والسيطرة والتنعم بخيرات البلاد، فهاموا على وجوههم، وانقطعت صلة الأباء والأمهات بأطفالهم وأبنائهم وأخواتهم. وفقدت المملكة خيرة رجالها وأسر مليكها والعديد من كبار أمرائها الذي لا بدا أنه وقع على الغرب الأوروبي الذي لم يحسب لهذه الهزيمة وقع الصاعقة.

في هذه المرحلة الدقيقة وشديدة الحساسية، والتي دعا فيها ملوك الغرب الأوروبي إلى شد الرحال والسفر برا وبحرا لكسر القوة الإسلامية الصاعدة بقيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي، جاءت مشاركة المراة الأوروبية التي وقفت إلى جانب الرجال بمختلف صور التحدي والمقاومة تعبيرا عن انزعاجها ورفضها لما حل بكيان ساهم الأوروبيون بكل ما يملكونه من أجل تأسيسه واستمرار وجوده فوق تراب الأرض المقدسة. وبرزت صور تحديها في أشكال عدة، فمن ناحية نجد أن المرأة الأوروبية سواء النبيلة منها أم تلك التي تملك الثروات قد جادت بمالها إسهاما منها في تمويل الحملة الصليبية بالسلاح والعتاد أما الأخريات الفقيرات فقد سارعنا إلى بيع أملاكهنا وتشجيع أبنائهن على عدم التردد في الخروج مع جموع الصليبيين في هذه الحملة.

ولم يقف دور المراة الأوروبية عند هذا الحد فحسب، بل وجدت أن من الواجب عليها أن تنال شرف القتال والمقاومة ومغامرة ركوب البحر وقطع المسافات الطويلة، ثم المساهمة بعد رسو السفن والمراكب في بناء الخيم والمعسكرات حول مدينة عكا التي اعتبرها الصليبيون مفتاح المدن الساحلية، وبين صفوف النساء الأوروبيات، ظهر منهن من وجدت في نفسها الكفاية للعمل في المجال الاستخباراتي والتجسس على استعدادات القوات الإسلامية وأخريات امتلكن الخبرة والدراية في القتال البحري واختطاف بعض ربان السفن الحربية الإسلامية، فضلا عن مشاركتها الفعالة جندية وفارسة في المواجهة البرية أملا في استعادة سلطة الغرب الأوروبي وهيبته على الأرض المقدسة.

إن النجاح الذي تحقق للصليبيين بمشارك المراة الفاعلة في الحملة الصليبية الثالثة وإن استثنيت المدينة المقدسة لا يمكن التقليل من شانه، فبوجودهم في المنطقة الساحلية بموجب اتفاق الرملة 1192م الذي لم تطبق بنوده بين السلطان صلاح الدين الأيوبي والملك الإنجليزي ريتشارد، واستاثر الغرب الأوروبي بخيراتها الزراعية والتبادل التجاري سنين طويلة فاقت وجودهم في الأراضي المقدسة بعد النجاح الذي تحقق لهم في الحملة الصليبية الأولى.

ويمكن ان يجمل النتائج بما يلي

  • أولا: إن المرأة الأوروبية منذ بداية الحملات الصليبية لم تخف رغبتها في المشاركة إلى جانب الفرسان والجنود في المساهمة بتحقيق المشروع الصليبي بإنشاء كيان غريب في لغته وعاداته وقيمه وتقاليده في الأراضي المقدسة.
  • ثانيا: مساهمة كثير من نساء الغرب الأوروبي في تمويل الحملات الصليبية، وبخاصة ما يتعلق هنا بالحملة الصليبية الثالثة، من خلال التنازل عن جزء كبير من ثرواتهن المالية، بل نجد أن بعض النساء الأوروبيات اللواتي كن يعانين مشكلة الفقر والعوزقد وجدن الحل بمساهمتهن في تمويل هذه الحملة من خلال عرض بيوتهن المتواضعة للبيع.
  • ثالثا: تلقي كثير من النساء الأوروبيات التشجيع من قبل ملوك وأمراء الغرب الأوروبي للمشاركة في ميادين القتال المختلفة البرية منها والبحرية.
  • رابعا: دعوة كثير من النساء الأوروبيات ابناءهن إلى ترك زوجاتهم وابنائهم ووطنهم من أجل استعادة الأرضي المقدسة ثانية من أيدي أصحابها الشرعيين.
  • خامسا: لم تقف مساهمة المراة الأوروبية بقتال المسلمين والتصدي لهم في جيوش نظامية فحسب، بل شاركت أيضا في الحروب الخاطفة وحرب العصابات التي تسببت في إلحاق الخسائر والهزيمة في الجانب الإسلامي كما حصل في اثناء الحصار الذي فرضته قوات السلطان صلاح الدين الايوبي حول مدينة صور في محاولة يائسة لاستردادها.
  • سادسا: الحقد الدفين الذي ظهر من خلال ممارسة المراة الصليبية بحق الأسرى المسلمين، بل وجثث القتلى منهم، باستخدام السكاكين الحادة في جز أعناقهم وتقطيعهم دون رحمة أو شفقة على الرغم من معاملة السلطان صلاح الدين الأيوبي الحسنة للنساء الصليبيات في أثناء تحرير الأراضي المقدسة عام 1187م

المصدر الأساسي

  • Salameh، د جلال حسني سلامة | Dr Jalal Husni (7 سبتمبر 2019). "دور النساء الأوروبيات في الحملة الصليبية الثالثة بعد تحرير الأراضي المقدسة عام 1187م". مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإنسانية والاجتماعية. ج. 1 ع. 49. ISSN:2616-9843. مؤرشف من الأصل في 2020-07-11.

مصادر ومراجع الدراسة العربية والمعرّبة

المصادر العربية والمعربة

  • أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس «الجستا»، ترجمة د. حسن حبشي ، د . ط ، د . ت
  • الحرب الصليبية الثالثة ، جزءان ، ترجمة د. حسن حبشي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2000
  • ابن الأثير ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني ، الكامل في التاريخ ، 10 أجزاء ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1987، ابن تغري بردي ، أبو المحاسن جمال الدين يوسف، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، 12 ج ، القاهرة ، دار الكتب المصرية ، 1963
  • خسرو ، ناصر - سفر نامة ، ترجمة يحيى الخشاب ، دار الكتاب الجديد ، 1970
  • الرهاوي المجهول ـ تاريخ الرهاوي ، نقلا عن الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية ، ج 5، تحقيق وترجمة د. سهيل زكار ، دار الفكر ، دمشق ، 1995
  • سايولف Saewulf ـ رحلة الحاج سايولف لبيت المقدس والأراضي المقدسة 1102 ــ 1103 م ، ترجمة د. سعيد عبد الله البيشاوي ، دار الشروق ، عمان ، ط 1، 1997
  • السوري الكبير ، ميخائيل ـ تاريخ ميخائيل الكبير ، نقلا عن الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية ، تحقيق وترجمة د. سهيل زكار ، ج 5، دار الفكر ، دمشق ، 1995
  • الشارتري ، فوشيه Fulcher de Chartres ـ تاريخ الحملة إلى القدس ، ترجمة د. زياد العسلي ، دار الشروق ، عمان ، ط 1، 1990
  • أبو شامة ، شهاب الدين عبد الرحمن المقدسي ـ الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية ، 5 أجزاء ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط 2002
  • ابن شداد ، بهاء الدين يوسف بن رافع ـ النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ، شركة طبع الكتب العربية ، القاهرة ، 1899
  • الصوري ، وليم William of Tyre ـ الحروب الصليبية ، 4 أجزاء ، ترجمة د. حسن حبشي ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، 1991
  • العماد الأصفهاني ، أبو عبد الله محمد بن محمد ـ الفتح القسي في الفتح القدسي ، تحقيق محمد محمود صبح ، الدار القومية ، القاهرة ، 1965
  • الفيتري ، يعقوب Jaqus de Vitrus ـ تاريخ بيت المقدس ، ترجمة وتعليق د. سعيد عبد الله البيشاوي ، دار الشروق ، فلسطين ، ط 1، 1998
  • ابن القلانسي ، أبو يعلى حمزة بن أسد بن محمد ـ تاريخ دمشق ، تحقيق د. سهيل زكار ، دار حسان للنشر ، دمشق ، ط 1، 1983
  • ابن كثير ، أبو الفداء الحافظ الدمشقي ـ البداية والنهاية ، 12 جزء ، تحقيق أحمد ملحم وآخرون ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط 3، 1987
  • المقريزي ، تقي الدين أحمد بن علي ـ اتعاظ الحنفا بذكر الفاطميين الخلفا ، 3 أجزاء ، ج 1، ج 2 نشر جمال الشيال ، القاهرة ، 1948، ج 3 نشر محمد حلمي أحمد ، القاهرة ، 1973
  • هافنسيس Havenses ـ تاريخ المورة ، نقلا عن الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية ، تحقيق وترجمة د. سهيل زكار ، ج 10، دار الفكر ، دمشق ، 1995

المصادر غير المعربة

  • Albert of Aachen - Historia Hierosolymitana R . H . C – Occ tom IV, Paris , 1879
  • Baldric of Dol . Historia Jerusalem , tansa , R.H.C , Oc
  • Ernoul . Le Chronique d, Ernoul de Bernard Le Tresorier , ed. Mas Latrie , Paris , 1871

المراجع العربية والمعربة

  • إديوري ، بيتر . ـ قبرص والحروب الصليبية ، دار الملتقى للطباعة والنشر ، قبرص ـ ليماسول ، ط 1، 1997
  • بني ياسين ، يوسف أحمد ـ بلدان الأندلس في أعمال ياقوت الحموي الجغرافية ، (دراسة مقارنة)، مركز زايد للتراث والتاريخ ، العين ـ الإمارات ، ط 1، 2004
  • الدباغ ، مصطفى مراد ـ بلادنا فلسطين ، 11 ج ، دار الهدى ، كفرقرع ، 1991
  • زابوروف ، ميخائيل ـ الصليبيون في الشرق ، ترجمة إلياس شاهين ، دار التقدم ، موسكو ، 1986
  • الزركلي ، خيرالدين ـ الأعلام قاموس تراجم ، ج 6، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط 5، 1980
  • زناتي ، أنور محمود ـ معجم مصطلحات التاريخ والحضارة الإسلامية ، جامعة عين شمس ، ط 1، 2011
  • سلامة ، جلال حسني ـ عكا أثناء الحملة الصليبية الثالثة ، دار الفاروق ، نابلس ، ط 1، 1998
  • الشيخ ، محمد محمد مرسي ـ عصر الحروب الصليبية ، الإسكندرية ، 2001

المراجع غير المعربة

  • Flori , Jean . - Richard Coeur de Lion Le roi – chevalier , Paris , 1999
  • Gies , Frances and Joseph. Women in the middle Ages , New York : Berns and Noble , 1980
  • La barge, M . W . A Small Sound of the Trumpet , Boston Press , 1986

المقالات والأبحاث العربية

  • زيات ، حبيب ـ احتيال الملوك الأيوبيين في رشوة النساء الفرنجيات لتجسس الصليبيين ، مجلة المشرق ، عدد 36، بيروت ، 1938، ص53 ـ 56
  • سلامة ، جلال حسني ـ المقاومة الشعبية في نابلس وريفها منذ الوجود الصليبي حتى عام 1187 م ، مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية ، غزة ، مج 21، عدد 2، 2013، ص271 ــ 293
  • سلامة ، جلال حسني ـ دور النساء الأوروبيات في الحملة الصليبية الأولى ، على الأرض المقدسة ، مجلة جامعة النجاح للأبحاث ـ ب (العلوم الإنسانية)، مج 28 (12)، 2014، ص2733 ـ 2748
  • قطاية ، سلمان ـ الخيل أثناء الحروب الصليبية ، مجلة المورد ، مج 20، عدد 1، دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 1992
  • النخيلي ، درويش ـ السفن الإسلامية على حروف المعجم ، دار المعارف ، الإسكندرية ، ط 2، 1997، ص14 ـ 17

المقالات والأبحاث غير المعربة

  • Helen Nicholson , David Nicolo - God,s Warriors : Knights Templer , Saracens and the Battle for Jerusalem , pp. 185 – 210
  • J. Prawer - The Settlement of The Latin In Jerusalem , speculum , 27 , 1952 , 490 _ 503
  • Mclaughlin , M., The Women Warrior : gender , Warfare and Society in medieval Europe , Women,s Studies an interdisciplinary Journal , 17 , pp. 193 – 209
  • Painter , Sidney - The third Crusade , Richard the Lion Heart and Philip Augustus in Setton , vol II , London , 1969

التوثيق

  1. ^ اربان الثاني Urban II فرنسي الأصل، ولد حوالي 1042م من عائلة نبيلة، واسمه الحقيقي ودو دي لاجري، نال حظاً وافرا من التعليم إذ أُرسل الى المدرسة الكاتدرائية في ربمز Reims، ثم قرر بعد ذلك الانضمام إلى جماعة كلوني وصار راهبا وأخذ يتدرج في المناصب الدينية حتى وصل إلى منصب البابوية عام 1088 م وكان حينئذ في السادسة والأربعين من عمره عن ذلك ينظر الشيخ محمد محمد مرسي الشيخ، عصر الحروب الصليبية في الشرق. الاسكندرية د ط 2001. ص 92. سلامة، جلال، دور النساء الاوروبيات في الحملة الصليبية الأولى على الأرض المقدسة، مجلة جامعة النجاح للابحاث والعلوم الانسانية مج 28 (12) 2014، ص 2733 - 2748
  2. ^ لمزيد من التفاصيل عن هذه الدعوة وتشكيل الحملة الصليبية الأولى حتى وصولها إلى أسوار المدينة المقدسة، ينظر لثمار ثري، فوشيه Fuldfier de arters. تاريخ الحملة الى القدس، ترجمة زياد العسلي، دار الشروق عمان، ط 1، 1990، ص 31 - 37، 55 - 60 لسوري، وليم Wiliam of Tyre الحروب الصليبية ج 2، ترجمة حسن حبشي، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1991، ص 40, 67، 81 - 82. ميخائيل زابوروف الصليبيون في الشرق ، ترجمة إلياس شاهین ، دار التقدم، موسكو، 1986 ص 88 - 90.
  3. ^ الرهاوي المجهول - تاريخ الرهاوي عن الحملتين الاولى والثانية. نقلا عن الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصلييية. تحقيق وترجمة سهيل زكار، ج 5، دار الفكر، دمشق 1995، ص21
  4. ^ Albert of Aachen. Historia Herosolymitana R.H.C. Ooctom IV, Paris, 1879, p. 365. Baldric of Dol. Historia Jerusalem, tansa , RHC .Oc. pp. 28, 30, 107
  5. ^ هافنسيس Havenses تاريخ الدورة . نقلا عن سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، ج 10، دمشق 1995، ص 375 -
  6. ^ الصوري. وليم Wiliam of Tyre الحروب الصليبية ج 2. 299- 300
  7. ^ الفيتري، يعقوب (1951). تاریخ بیت المقدس. ترجمة: سعيد عبدالله البيشاوي. فلسطین: دار الشروق (نُشِر في 1998). ص. 18. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |إصدارذ= تم تجاهله (مساعدة)
  8. ^ McLaughlin, M., The Women Warrior: gender. Warfare and Society in medieval Europe, Women,s Studies an interdisciplinary Journal. 17, pp. 193 - 209
  9. ^ سلامة جلال دور النساء الأوروبيات، ص 2733 -2748
  10. ^ المقريزي. تقي الدين أحمد بن علي، انتعاظ الحنفا بذکر الائمة الفاطميين الخلفاء ج 2 - نظر جمال الشيال - القاهرة ،1948 ص 25
  11. ^ إبن ثغري بردى ، أبو المحاسن جمال الدین یوسف النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ج 5. القاهرة ، 1963، ص 153
  12. ^ ابو عبدالله محمد بن علي- اخبارمصر، تحقيق هنري ماسيه. القاهرة. 1919، ص 37
  13. ^ سلامة جلال. دور النساء الاوروبيات، ص 2733 - 2748
  14. ^ أ ب الصوري ، وليم Wiliam of Tyre الحروب الصليبية، ج 2، ص 113
  15. ^ مجهول - اعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس "الجستا". ترجمة حسن حبشي، ص 117
  16. ^ المصدر نفسه، ج 2، ص 180. سلامة جلال المقاومة الشعبية في نابلس وريفها منذ الوجود الصليبي حتى عام 1187م، مجلة الجامعة الاسلامية - البحوث الإنسانية غزة دمج 21 عدد 132 20، ص 271 - 293
  17. ^ مجهول - أعمال الفرنجة ص 114 المشار دري. فوشيه هل Fulcher Chartres تاريخ الحملة. ص 69 - 70، 108 سايولف - رحلة الحاج سايولف لبيت المقدس والأراضي المقدسة. 1102 - 1103م ترجمة سعيد عبدالله البيشاوي، دار الشروق، عمان، ط1، 1997م، ص 23.
  18. ^ الشارتري، فوشيه Fulcher de Cartres المصدر نفسه، ص 81-82 الصوري، وليم Weam of fire، ج 1، ص 73 - 74
  19. ^ الصوري ، وليم Wiliam of Tyre المصدر نفسه، ج 2، ص 180 سلامة جلال المقاومة الشعبية، ص 271 - 293.
  20. ^ عن الخلاف الذهبي العباسي الفاطمي ينظر: ابن القلانسي ابو يعلى حمزة بن أسد بن محمد، تاریخ دمشق، تحقيق سهیل زکار، دار حسان للنشر، ط 1، دمشق، 1983، ص 87 - 119 ابن الأثير أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني. الكامل في التاریخ، ج 9، دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1987، ص 31 - 37 ينظر أيضا الشيخ، محمد محمد مرسي الشيخ، عصر الحروب الصليبية ، ص 100 - 105
  21. ^ الشارتري، فوشيه Fulcher de Cartres، المصدر نفسه ، ص 112
  22. ^ لمزيد من التفاصيل عن الخسائر المادية والبشرية التي تكبدها الغرب الأوروبي حتى الاستيلاء على الأرض المقدسة، ينظر ابن الأثير، ص14، 19 و الشارتري، فوشيه Fulcher de Chartes المصدر نفسه ص 81 - 82 و الصوري، وليم Wiliam of Tyre المصدر نفسه، ج 1 ص 73 - 74
  23. ^ عکا تقع شمال فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، وعرفت بأسماء عدة، منها أكو Akko أو Acco. عن ذلك ينظر الدباغ، مصطفی مراد، بلادنا فلسطین، ج 7، دار الهدی، کفر قرع. 1991 ص 452.