تضامنًا مع حق الشعب الفلسطيني |
فيزياء ما وراء النموذج المعياري
ما وراء النموذج المعياري |
---|
النموذج المعياري |
في الفيزياء، يقدم النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات حاليًا أفضل وصف لجميع البيانات التجريبية.[1] يشير مصطلح فيزياء ما وراء النموذج المعياري (بالإنجليزية: Physics beyond the Standard Model) إلى التطورات النظرية اللازمة لشرح قصور النموذج المعياري، مثل أصل الكتلة (المسألة الهرمية)، ومسألة الثابت الكوني، ومسألة خرق تناظر الشحنة السوية القوية، وتذبذب النيوترينو، وتباين المادة والمادة المضادة، وطبيعة المادة المظلمة والطاقة المظلمة. مشكلة أخرى تقع ضمن الإطار الرياضي للنموذج العياري تكمن في عدم تطابق بنائه الرياضي مع ذلك الخاص بالنسبية العامة لدرجة انهيار النموذج العياري أو النسبية العامة أو كلتا النظريتين ضمن بنائهما الخاص في حالات معينة (على سبيل المثال ضمن السمات المعروفة للزمكان مثل الإنفجار الكبير وآفاق الحدث للثقب الأسود).
تشتمل نظريات ما وراء النموذج العياري على امتدادات عديدة للنموذج العياري خلال التناظر الفائق، مثل النموذج العياري الفائق التناظر الأدنى، و النموذج العياري الفائق التناظر القريب من الأدني [English]، أو على تفسيرات جديدة كلياً، مثل نظرية الأوتار، ونظرية-إم، و الأبعاد الإضافية [English]. بميل هذه النظريات ذات التفسيرات الجديدة لإعادة إنتاج مجمل الظواهر الحالية، يمكن تسوية مسألة أي من هذه النظريات هي الأصح، وعلى الأقل تمثل أفضل خطوة باتجاه نظرية كل شيء فقط عبر التجارب، ضمن أكثر مجالات البحث نشاطاً في الفيزياء النظرية والتجريبية، وبالإضافة إلى ذلك، هناك أيضاً العديد من المحاولات لدمج الظواهر المختلفة والمترابطة إلى نظرية أكثر وحدوية، مثل توحيد اقتران المعياري، ونظرية كتل الكوارك، ونظرية كتل النيوترينو.
مشاكل النموذج العياري
النموذج العياري غير تام، بالرغم من كونه النظرية الأكثر نجاحاً في فيزياء الجسيمات حتى الآن.
ملاحظات تجريبية لايمكن تفسيرها
لايعطي النموذج العياري تفسيراً كافياً لعدد من الملاحظات التجريبية.
- الجاذبية: لا يقدم النموذج العياري تفسيراً للجاذبية، وأكثر من ذلك لايتوافق مع النظرية الأكثر نجاحاً للجاذبية حتى الآن «النسبية العامة».
- المادة المظلمة والطاقة المظلمة: تخبرنا مشاهدات علم الكون بقدرة النموذج العياري على تفسير فقط ما يقارب 4% من الطاقة الموجودة في الكون. يجب أن تشكل المادة المظلمة (مادة بسلوك مماثل للمواد الأخرى المعروفة وتتآثر فقط بشكل ضعيف مع حقول النموذج العياري) ما يقارب 24% من نسبة 96% المتبقية. ويجب أن تمثل الطاقة المظلمة ما تبقى (كثافة طاقة ثابتة للفراغ).
- كتلة النيوترينو: النيوترينو جسيم عديم الكتلة وفقا للنموذج العياري. بالرغم من ذلك تظهر تجارب تذبذب النيوترينو وجود كتلة للنيوترينو. يمكن إدراج كتلة النيوترينو ضمن النموذج العياري يدوياً، باستثناء أن تلك الإضافة تقود لمشاكل نظرية أخرى.
- تباين المادة والمادة المضادة: الكون مكون في مجمله من المادة، ويتنبأ النموذج العياري بتساوي كمية كل من المادة والمادة المضادة (تقريباً)، والتي من شأنها أن تفني بعضها البعض بما أن الكون يبرد.
تنبؤات نظرية غير ملاحظة
باستثناء بوزون هيغز، تمت ملاحظة جميع الجسيمات التي تنبأ بها النموذج العياري في مصادم الجسيمات. تنبأ ببوزون هيغز تفسير النموذج القياسي لآلية هيغز التي تصف كيفية تحطم تناظر المقياس الضعيف SU2، وكيفية وجود كتلة للجسيمات الأساسية. حددت الأبحاث التجريبية على الأرجح كتلة بوزون هيغز بين 114 و 157 إلكترون فولت وذلك في حال صحة النموذج العياري ووجود بوزون هيغز، وبالرغم من سماح امتداد النموذج العياري بكتلة تتراوح بين 185 و 250 إلكترون فولت لبوزون هيغز. في حال وجود بوزون هيغز، فإنه يجب على تجارب مصادم الهادرونات الكبير التابع لسيرن ايجاده، وفي حال عدم ايجاده فإن تحطم SU2 وتولد الكتلة يجب أن تدرج ضمن فيزياء ماوراء النموذج العياري.
مشاكل نظرية
تضاف بعض المزايا إلى النموذج العياري بطريقة مخصصة، وهذه ليست مشكلة في حد ذاتها (أي تبقى النظرية صحيحة بوجود هذه المزايا الخاصة)، ولكنها تؤدي إلى عدم فهم النظرية. حفزت المزايا المخصصة واضعي النظريات للبحث عن نظرية أكثر عمقاً وذات بارامترات أقل. أمثلة على بعض هذه المزايا المخصصة:
- المسألة الهرمية: يقدم النموذج العياري الكتل الجسيمية من خلال عملية تعرف بكسر التناظر التلقائي والناجم عن حقل هيغز. ضمن النموذج العياري، تدخل تصحيحات كمية كبيرة جداً على كتلة هيغز بسبب وجود الجسيمات الافتراضية (الكوارك القمي الافتراضي غالباً). هذه التصحيحات أكبر بكثير من كتلة هيغز الفعلية. هذا يعني أن بارامتر كتلة هيغز المجردة [English] في النموذج العياري يجب أن يضبط [English] بشكل يلغي كليا تلك التصحيحات الكمية. يعد هذا المستوى من الضبط [English] غير طبيعي [English] لكثير من واضعي النظريات.
- مشكلة خرق تناظر الشحنة القوية: نظرياً يمكن القول أن النموذج العياري ينبغي أن يتضمن مصطلح يكسر تناظر الشحنة السوية (الرابط بين المادة والمادة المضادة) في قطاع التآثر القوي. تجريبياً، وبالرغم من ذلك، لم يعثر على أي انتهاك من هذا القبيل، مما يعني أن قيمة المعامل لهذا المصطلح قريبة جداً من الصفر. وأيضاً يعد هذا الضبط [English] غير طبيعي [English].
- عدد البارامترات: يعتمد النموذج العياري على 19 بارامتر عددي، ذات قيم معروفة من التجارب، ولكن أصل هذه القيم مجهول. حاول بعض واضعي النظريات العثور على علاقات بين البارامترات المختلفة، على سبيل المثال، بين كتل الجسيمات في أجيال مختلفة.
نظريات التوحيد العظمى
للنموذج العياري ثلاثة تناظرات مقياسية، تناظر الشحنة اللونية (SU3) [English]، وتناظر اللف النظائري الضعيف (SU2) [English]، وتناظراالشحنة الشديدة (U1)، المقابلة للقوى الثلاث الأساسية. بسبب إعادةالتسوية فإن ثوابت الاقتران لكل من هذه التناظرات تختلف باختلاف الطاقة التي يتم وفقها قياس هذه التناظرات. عند حوالي 1016 GeV تصبح هذه المزدوجات متساوية تقريباً. وقدأدى ذلك إلى تكهنات بأنه فوق هذه الطاقة تتوحد التناظرات المقياسية للنموذج العياري في ضمن تناظر مقياسي وحيد ومفرد مع مجموعة مقياسية بسيطة، وثابت اقتران وحيد. ودون هذه الطاقة يتحول التناظر تلقائياً إلى تناظرات النموذج العياري. الخيارات الرائجة للمجموعة الموحدة هي المجموعة الموحدة الخاصة في 5 أبعاد، والمجموعة المتعامدة الخاصة في 10 أبعاد.
يطلق على النظريات التي توحد تناظرات النموذج العياري اسم نظريات التوحيد العظمى (GUTs)، ويدعى مستوى الطاقة الذي يتحطم وفقه التناظر الموحد بمقياس نظرية التوحيد العظمى (GTU Scale). بشكل عام، تتنبأ نظريات التوحيد العظمى بتشكل أحادي القطب المغناطيسي في بداية عمر الكون، وعدم استقرار البروتون. لم تلاحظ أي من هذه التنبؤات مما يضع حدوداً لإمكانية نظريات التوحيد العظمى.
التناظر الفائق
يوسع التناظر الفائق النموذج العياري من خلال إضافة رتبة إضافية من التناظرات إلى اللاغرانجيان. تستبدل هذه التناظرات الفرمونات بالبوزونات. يتنبأ مثل هذا التناظر بوجود جزيئات فائقة التناظر (النظير الفائق)، تشتمل على اللبتون الفائق، والكوارك الفائق، والنيوترالينوس، والشارجيونوس. لكل جسيم في النموذج العياري نظير فائق بلف مغزلي يختلف بنسبة 2/1 من الجسيم العادي. يرجع ذلك إلى كسر التناظر الفائق [English]، النظائر الفائقة أثقل بكثير من نظيراتها العادية، فهي ثقيلة بحيث أن مصادمات الجسيمات الحالية قد لا تكون قوية بما يكفي لإنتاجها.
النيوترينوات
في النموذج العياري، النيوترينوات عديمة الكتلة كنتيجة لاحتوائه نيوترينوات عسرى [English] فقط، ومع عدم وجود شريك أيمن مناسب فإنه من المستحيل إضافة مصطلح كتلة النيوترينو للنموذج العياري، غير أن القياسات أشارت إلى أن النيوترينوات تغير نكهتها بشكل تلقائي، مما يعني وجود كتلة لها، وتعطي هذه القياسات فقط كتل نسبية للنكهات المختلفة. أفضل قيد على الكتلة المطلقة للنيترينوات يأتي من القياسات الدقيقة لانحلال التريتيوم، مع حد أعلى يساوي 2 إلكترون فولت، مما يجعلهم أخف بخمس مرات من الجسيمات الأخرى في النموذج العياري، وهذا يعني أن على امتداد النموذج العياري ليس فقط تفسير وجود كتلة للنيوترينوات وإنما تفسير شدة صغر هذه الكتلة.
إحدى الطرق لإضافة كتلة للنيوترينو تتمثل بإضافة نيترينو أيمن وتشكيل مزودجة مع النيوترينو الأيسر ضمن مصطلح كتلة ديراك. يجب على النيترينو الأيمن أن يكون عقيماً، أي لايشترك في أي من تآثرات النموذج العياري. يستطيع النيترينو التصرف كجسيمه المضاد بسبب عدم امتلاكه لشحنة كهربائية، وأيضاً يمتلك كتلة ضمن إطار مصطلح كتلة ماجورانا. من المتوقع أن تتولد كتلة ديراك للنيوترينو خلال آلية هيغز، وبالتالي أن تكون مساوية في المقدار للكتل الأخرى وذلك بشكل مشابه لكتل ديراك الأخرى في النموذج العياري. تنشأ كتلة الماجورانا للنيوترينو الأيمن بأسلوب مختلف ومن المتوقع أن ترتبط ببعض مستويات الطاقة من فيزياء ماوراء النموذج العياري الحديثة، ولذلك ستعوق الطاقات المنخفضة أية عمليات تشتمل على نيترينو أيمن. بشكل فعال يعطي التصحيح بسبب عمليات الإعاقة تلك، كتلة للنيترينو الأعسر متناسبة عكسياً مع كتلة الماجورانا اليمنى، ضمن آلية تعرف بآلية التأرجح. وبالتالي يفسر وجود النيوترينو الأيمن الكتلة الصغيرة للنيوترينو الأعسر وغياب النيوترينوات اليمنى في المشاهدات. للحصول على كتل فعالة للنيترينو في المدى الملاحظ لكتل ديراك بشكل مشابه للكتل الأخرى في النموذج العياري، فإنه يجب على النيوترينو الأيمن أن يكون قريب لمستوى نظرية التوحيد العظمى (ربط النيوترينوات اليمنى بإمكانية نظرية التوحيد العظمى).
تمزج مفاهيم الكتلة النيترينوات من أجيال مختلفة، تحدد مصفوفة PMNS [English] معالم هذا المزج والتي تمثل نظير النيوترينو لمصفوفة مزج الكوارك CKM. على عكس مزج الكوارك والذي يكون غالباً أصغرياً، يظهر مزج النيوترينو ليكون غالباً أعظمياً، وقد أدى هذا المزج للتكهن بالعديد من التناظرات بين الأجيال المختلفة والتي من الممكن أن تفسر أنماط المزج. من الممكن لمصفوفة المزج أن تحوي العديد من الأطوار المعقدة التي تكسر ثبات تناظر الشحنة، بالرغم من عدم التحقق من ذلك تجريبياً. ربما يمكن لهذه الأطوار تشكيل فائض من اللبتونات زيادة عن اللبتونات المضادة في بداية الكون حيث تعرف هذه العملية بتشكيل اللبتون. من الممكن لعدم التناظر السابق أن يحول لاحقاً لفائض من الباريونات زيادة عن البريونات المضادة، ويشرح تباين المادة والمادة المضادة في الكون.
لايمكن للنيوترينوات الخفيفة تفسير المادة المظلمة المفقودة، لعدم امتلاكها لكتلة كافية، أكثر من ذلك، تظهر محاكاة تشكل البنية أن النيوترينوات الخفيفة شديدة السخونة (طاقتها الحركية كبيرة مقارنةً بكتلتها)، بينما يتطلب تشكل بنى شبيهة للمجرات في الكون وجود مادة مظلمة باردة. تظهر المحاكاة أن النيوترينوات يمكنها في الأفضل تفسير نسبة ضئيلة من المادة المظلمة المفقودة. تمثل النيوترينوات اليمنى الثقيلة العقيمة المرشح الأمثل للجسيمات الثقيلة الضعيفة التآثر المفترضة لتفسير المادة المظلمة.
نظريات كل شيء
نظرية كل شيء
نظرية الأوتار
يتم توسيع، ومراجعة، وإعادة ترتيب، وتنظيم النموذج العياري في محاولة لتصحيح القضايا المذكورة آنفاً وغيرها من المواضيع. نظرية الأوتار هي أحد تلك المحاولات، حيث يعتقد العديد من الفيزيائيين أن مثل هذه النظريات تمثل الخطوة القادمة باتجاه نظرية كل شيء. ويعتقد البعض لنظريات الجاذبية الكمية مثل الجاذبية الكمية الحلقية وغيرها أن تكون مرشحاً واعداً للتوحيد الرياضي بين نظرية الحقل الكمي ونظرية النسبية العامة، متطلبةً تغييرات جذرية أقل للنظريات الحالية. مع ذلك، يضع العمل الحديث قيود صارمة الآثار المفترضة للجاذبية الكمية عند سرعة الضوء، ويستاء من بعض النماذج الحالية للجاذبية الكمية.
من بين العديد من متغيرات نظرية الأوتار ونظرية إم، واللتان اقترح وجودهما الرياضي لأول مرة في مؤتمر الأوتار عام 1995، يعتقد العديد أن تمثلا المرشح الأنسب لنظرية كل شيء ولاسيما الفيزيائيين براين غرين وستيفن هوكينغ. رغم أن الوصف الرياضي الكامل غير معروف، فإن الحلول للنظرية موجودة لحالات محددة. اقترحت الأعمال الحديثة أيضاً نماذج وترية بديلة، بعضهم يفتقر إلى العديد من المزايا صعبة الاختبار أكثر من نظرية إم (مثال وجود متعدد شعب كلابي ياو، والأبعاد الاضافية العديدة، الخ.) متضمنة أعمال لفيزيائيين مثل ليزا راندال.
انظر أيضًا
المراجع
- ^ Stanford Linear Accelerator Center Virtual Visitor Center نسخة محفوظة 03 نوفمبر 2011 على موقع واي باك مشين.