كربئيل وتر
كرب إيل وتر بن ذمار علي (تـ 650 ق م): أشهر حكام سبأ، ويعد المؤسس الفعلي لمملكة سبأ ومنظمها، وهو أول حاكم سبئي اعترف به الآشوريون بوصفه ملكاً،[1] ووفقاً لنقش أثري خاص للملك سنحاريب في ذكرى انشاء المعبد في رأس السنة الآشورية عام 685 ق م تقريباً قدم (كربئيلو ملك سبأ) هبة تتضمن أحجار كريمة وتوابل بهذه المناسبة.[2]
ملك سبأ | |
---|---|
كَرِبْ إيل وَتَر بن ذمار علي | |
نقش النصر (RES 3945)
| |
فترة الحكم (685 ق م - 650 ق م) تقريباً |
|
معلومات شخصية | |
تاريخ الوفاة | 650 تقريباً |
معالم | نقش النصر السبئي |
أسماء أخرى | كربئيلو |
اللقب | ملك سبأ |
تعديل مصدري - تعديل |
في عهد كَرِبْ إيل وَتَر (685 ق م - 650 ق م تقريباً) شهدت سبأ اتساعاً لم يسبق له مثيل.[3] لتجد منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية نفسها موحدة ولفترة قصيرة، فانتشرت الأنماط المعمارية والفنية المشتركة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. وفي واقع الأمر هي نفس الفترة التي انتقل فيها سكان جنوب شبه الجزيرة العربية إلى الحبشة المجاورة، ونشروا فيها أساليبهم المعمارية وفنهم وكتابتهم، وهو ما نجده بأشكال الحروف في لغتهم الحالية.[4]
ويعد نقش النصر السبئي في صرواح، العائد لهذا المكرب حوالي العام 650 ق م،[5] من أهم الوثائق التاريخية القديمة التي تتعلق بأخبار سبأ، وقد افتتح بجملة: «هذا ما أمر بتسطيره كرب إيل وتر بن ذمر علي مكرب سبأ عندما صار ملكًا، وذلك لإلهه المقه ولشعبه شعب سبأ». وجاء في السطر الخامس عشر إشارة واضحة بوصفه ملكاً، وبذلك يكون هو أول من اتخذ من مكاربة سبأ لقب ملك. وعلى الرغم من كل الانتصارات العسكرية التي نجح فيها سلفه المكرب السبئي يثع أمر وتر بن يكرب ملك على النطاق الداخلي في جنوبي جزيرة العرب، فإنه لم يتلقب بلقب ملك، وأيضاً لم يستطع فرض احترام الأشوريين، فأجبرت القوافل السبئية التجارية في عهده بدفع جزية، ولم يتقلد يثع أمر وتر أي لقب ملكي بخلاف كرب إيل وتر بن ذمار علي الذي اعترف به الآشوريون بوصفه ملكاً.[6]
وفي عهد المكرب السبئي كرب إيل وتر بن ذمار علي دمّر السبئيون مملكة أوسان كلياً وأحرقوا مدنها وسلبت ممتلكاتها وقتلوا أعداداً كبيرة من السكان وأسروا أيضاً الآلاف منهم، وأما أراضي مملكة أوسان فتم توزيعها على حلفاء سبأ الجدد قتبان الذين كانوا أعداء سبأ في القرن الثامن ق.م. وأيضاً على مملكة حضرموت التي كانت أيضا حليفة لسبأ. كما سيّر السبئيون حملات ضد قبائل كحد ذو - سوط وتبنو ودهس - التي كانت أيضاً من ضمن أعداء مملكة سبأ (النقش: RES 3945). لقد نجح هذا المكرب السبئي بإنجاز تغيير جذري للخريطة السياسية لجنوبي جزيرة العرب، فدفع بذلك التحوّل السياسي من القبيلة إلى المملكة والدولة المركزية، ورسم بذلك الخطوط الأولى والتأسيسية لخريطة سياسية جديدة لجنوبي جزيرة العرب، مكونة من أربع ممالك رئيسة هي: معين، وسبأ، وقتبان، وحضرموت، التي استمرت كيانتها منذ القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرن الأول قبل الميلاد، وهو تاريخ اندثار مملكة معين من الساحة السياسية. وأما ممالك المدن الصغيرة التي كانت في الجوف (نشان، هرم، كمنا) فإنها فقدت استقلالها السياسي تدريجياً ودخلت في القوقعة المعينية التي شكّلت نواتها مدينتي قرنو - عاصمة مملكة معين – وبراقش (يثل قديماً)، أو ضمن النطاق السبئي كمدينة نشق (خربة البيضاء بالجوف حالياً).[7]
في القرن السادس قبل الميلاد تقهقرت مملكة سبأ أمام مملكة معين وقتبان المجاورتين. ولم يستطيع خلفاء كرب إيل وتر المحافظة على المكتسبات التي حققها هذا الملك القوي. ومع أفول القرن السادس قبل الميلاد تنطوي صفحة من صفحات تاريخ نشوء الممالك العربية الجنوبية - التي دامت على الأقل مئتي سنة - وفتحت صفحة جديدة متميزة بالنشاط التجاري المكثف بين ممالك جنوبي جزيرة العرب - وخصوصاً مملكة معين - وبين مدن سواحل حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقية؛ غزة، وصيدا، وصور، ومصر، واليونان، وبلاد الرافدين.
حياته
حكم "كربئيل وتر" في أوائل القرن السابع قبل الميلاد، وغير لقبه من مكرب إلى ملك. وقد ورد ذكره في واحدة من أطول وأهم النقوش السبئية التي تقع في معبد المقه الكبير في صرواح على بعد 40 كم غرب مأرب.[8] حيث يسرد كربئيل وتر عدداً كبيراً من المواقع التي تم تسويرها وما تزال معظمها مرئية أثرياً في يومنا هذا. ويعد النقشان السبئيان الطوال، الأول هو نقش النصر (RES 3945)،[9] والثاني النقش المعروف بالرمز (RES 3946)،[10] أهم سجلات إنجازاته.
في السجلات الآشورية
يوجد مجموعتا وثائق من عهد سنحاريب تشير إلى كربئلو، ملك أرض سبأ. الرواية الأكثر تفصيلاً واردة في لوح من آشور وتؤكده سلسلة من ست خرزات مجزأة، لعل مصدرها مدينة نينوى، وكلها تقدم نفس الصيغة تقريباً باختلافات طفيفة، وتحكي إرسال كربئلو الهدايا بمناسبة تأسيس معبد أكيتو في آشور الذي بُني بعد سنوات قليلة من الفتح الآشوري لبابل، وبفضل هذه المزامنة تمكن الباحثون من تأريخ نقش النصر وبالتالي الحضارة العربية الجنوبية عموماً إلى القرن الثامن قبل الميلاد. تذكر رسالة مجزأة أيضاً السبئيين (سَبَأو) في سياق مدفوعات الجزية لسنحاريب، على الرغم من أن السياق مجزأ للغاية.[11]
نماذج للنصوص:
"أثناء وضع أساسات معبد أكيتو، أهداني وفد كَرِبئيل ملكُ بِلاد سبأ" (Ka-ri-bi-DINGIR LUGAL KUR sa-ba-aʾ)
وكذلك في اللوح الذي ينص "هذه هدية الوفد التي قدمها لي كَرِبئيل ملك أرض سبأ" (ka-ri-bi-DINGIR [MAN KUR sa-ba-aʾ]).
في النقوش السبئية
يصف نقش النصر المؤلف من عشرين سطرا الحملات العسكرية التي قادها كربئيل وتر. ومن السطر الأول يبدو أن المؤلف فخوراً بانتصاراته العديدة. بدأ كربئيل وتر حملاته بمهاجمة الأراضي الغربية في مأرب وقتل وأسر الآلاف من أعدائه. ثم ركز اهتمامه على غزو الموانئ والأراضي البحرية الجنوبية الغربية لإضعاف مملكة أوسان. وتابع تقدمه للوصول إلى أراضي أوسان التي كانت تسيطر على المناطق الجنوبية حتى شواطئ البحر الأحمر. أمر كربئيل جنوده بتسليط سيوفهم على شعب أوسان وقتل الآلاف منهم وحرق جميع مدنهم حتى البحر.
كان المعينيون الخصم الخطير التالي له، لذلك هاجم مدينة نشان (حالياً: خربة السوداء) وأحرقها. بعد ذلك حاصر مدينة نَشَق (خربة البيضاء) لثلاثة أعوام. نتج الحصار عن هزيمة المعينين وضم كل أراضيهم وسدودهم الصالحة للزراعة، وفرض عبادة للإله إلمقه. كانت آخر حملة على شمال الجوف بالقرب من نجران. وكانت حصيلة الغزو قتل خمسة آلاف، واستعبد اثنا عشر ألف منهم، واستولى على أكثر من مائتي ألف رأس من الماشية.[12]
المراجع
- ^ Hellenistic Economies - Vincent - Page 122. نسخة محفوظة 2023-11-10 على موقع واي باك مشين.
- ^ The Arabs in Antiquity - Jan Retso - Page 537. نسخة محفوظة 2023-11-10 على موقع واي باك مشين.
- ^ Des Sabéens dans la corne de l’Afrique - Kh. Nuʿman professeur à l’Université de Dhamār (Yémen), A. Prioletta, Ch. Robin et J. Schiettecatte - Page 21.
- ^ Before Ḥimyar: Epigraphic Evidence for the Kingdoms of South Arabia - Christian Julien Robin - Page 123.
- ^ Des Sabéens dans la corne de l’Afrique - Kh. Nuʿman professeur à l’Université de Dhamār (Yémen), A. Prioletta, Ch. Robin et J. Schiettecatte - Page 20.
- ^ Before Ḥimyar: Epigraphic Evidence for the Kingdoms of South Arabia - Christian Julien Robin - Page 122.
- ^ DASI: Digital Archive for the Study of pre-islamic arabian - RES 3945-3946. نسخة محفوظة 2023-11-10 على موقع واي باك مشين.
- ^ McLaughlin، Daniel (2007). Yemen - the Bradt Travel Guide. The Globe Pequot Press. ISBN:1841622125.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link) - ^ "DASI: Digital Archive for the Study of pre-islamic arabian Inscriptions: Epigraph details". dasi.cnr.it. مؤرشف من الأصل في 2023-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-19.
- ^ "DASI: Digital Archive for the Study of pre-islamic arabian Inscriptions: Epigraph details". dasi.cnr.it. مؤرشف من الأصل في 2023-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-19.
- ^ Agostini, Alessio (2022). The ‘Mesopotamian connection’. An overview about the South Arabian data relating to Mesopotamia (1st millennium BCE). in: M. Ramazzotti (ed.), The Historical and Cultural Memory of the Babylonian World. Collecting Fragments from the ‘Centre of the World’. (بEnglish). Brepols: Turnhout. Vol. ARATTA 2. pp. 103–122. ISBN:978-2-503-59536-8. Archived from the original on 2023-10-11.
- ^ Magee، Peter (2014). The Archaeology of Prehistoric Arabia: Adaptation and Social Formation from the Neolithic to the Iron Age. Cambridge University Press. ISBN:1139991639.