إكرام الضيف
الضيافة أو إكرام الضيف هي العلاقة بين الضيف والمستضيف، وهي العمل الذي يجعل المرؤ مضيافا.
إكرام الضيف في الإسلام
فاستقبال الضيوف واستضافتهم وهو عمل كريم محبب للمسلم الصادق، ودليل واضح على قوة إيمانه، وهذه المعاني قد استخرجت من تعاليم النبي الذي حثنا على إكرام الضيف وإكرام وهو مصدر أكرمَ بمعنى عظَّم ونزَّه. وكذلك بمعنى: التكريم، الصَّون، الجود ذكر في القرآن: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٢٧﴾ - سورة الرحمن[1] والإكرام هنا: الفضل التام. والضَّيْفُ النازلُ عند غيرهِ (يستوي فيه المفْرَدُ والمذكَّرُ وغيرُهُما، لأَنَّهُ في الأَصل مصدرٌ). وفي التنزيل العزيز: ﴿قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ٦٨﴾ - سورة الحجر.[1] ويجمَعُ أَيضًا على أَضيافٍ، وضُيوفٍ، وضِيافٍ، وضِيفانٍ.[2]
إن إكرام الضيف من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون، واتصف بها الأجواد كرام النفوس، [3] فمَنْ عُرِفَ بالضيافة عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده إطعام الطعام، وإكرام الضيَّف وإكرام الضيف في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وقارن ذلك بحال أهل هذا الزمان، فالضيافة عند أكثرهم هي بتكثير الطعام، حتى إنك تجد كثيرًا من الناس من يمتنع عن القِرَى لعدم وجود اللحم في حال وجود الضيف، والقاصد لوجه الله يجود بالموجود، ولا يتكلف التكلف الذي هو فوق الطاقة، وأما ما دون ذلك فلا بأس به
الضيافة في القرآن
الضيافة في السنة النبوية
حث النبي محمد على إكرام الضيف:
العرب وإكرام الضيف في العصر الجاهلي
لقد تميز العرب بإكرام الضيف، وتفردوا بهذه المكرمة، وافتخروا بها على الأمم، ولم تكن خصلة عندهم تفوق خصلة الكرم، وقد بعثتها فيهم حياة الصحراء القاسية، وما فيها من إجداب وإمحال، حيث كان العرب يعيشون في بادية شحيحة بالزاد وحياتهم ترحال وتجوال[5]، وكل واحد منهم معرض لأن ينفذ زاده، فهو يقري ضيفه اليوم لأنه سيضطر إلى أن يضيف عند غيره في يوم، فليس في البادية ملجأ يلجأ الفرد إليه غير الخيام المضروبة هنا وهناك، ملاجئ تعتبر قوارب النجاة.[6] لقد كان الكَرَم مِن أبرز الصِّفات في العصر الجاهلي، بل كانوا يتباهون بالكَرَم والجُود والسَّخاء، ورفعوا مِن مكانة الكَرَم، [7] وكانوا يصفون بالكَرَم عظماء القوم، واشتهر بعض العرب بهذه الصِّفة الحميدة حتى صار مضربًا للمثل، كان حاتم الطَّائي مِن أشهر مَن عُرِف عند العرب بالجُود والكَرَم حتى صار مضرب المثل في ذلك.[8] مِن الكُرَماء المشهورين في العصر الجاهلي: عبد الله بن جُدْعَان، فقد اشتهر بكرمه وجوده وسخائه وعطائه. و (كان عبد الله بن جُدْعَانَ مِن مُطْعِمي قريش، كهاشم بن عبد مناف، وهو أوَّل مَن عمل الفالوذ للضَّيف، وقال فيه أميَّة بن أبي الصَّلت.
له داع بمكَّة مُشْمَعِلٌّ وآخر فوق دارته ينادي
إلى درج من الشِّيزَى ملاء لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ [9]
إكرام الضيف في الشعر العربي
الضيافة عند البدو أمر عظيم لا يفوقها أي امر آخر، واكرام الضيف هي الصفة الملازمة لأهل البادية، وهي إحدى اركان عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها. فللضيف مكانة عظيمة في نفس البدو لا يتوانون في تقديم له حقه من الضيافة وذلك متى ما دخل في مضربهم وحل في حماهم. ولاشك ان كرم الضيافة طبع اصيل تميز به العرب عن غيرهم من باقي الامم. والضيف عند البدو هو الشخص إذا وفد إلى موضع غير موضعه أو الجماعة إذا حلو عند جماعة أخرى ويسمون (فريق أو قصراء). ويقدم للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدواً مادام انه نزل أو دخل بيت مضيفه لأن من دخل البيت فقد أمن على نفسه وخاصة إذا تناول طعاماً أو شراباً فيصبح في مأمن ولو كان في وكر عدوه. قصيدة الشاعر الحطيئة وهو لقب له لقصره ودنوه من الأرض واسمه جرول بن أوس. يصوّر لنا قصة إكرام الضيف وعادة العرب في احترامه وتقديم الطعام له إكراماً له وإن لم يكن عند المضيف شيء ففي هذه القصيدة يصور أسرة فقيرة تعيش في شعب بعيد الناس دخل عليها ضيف وقد اندهش أب الأسرة ولكنه شمّر عن ساعد الجد وهمّ بذبح ابنه واطاعه ابنه بذلك إكراماً للضيف حتى لا يدعي الرد بالعدم والعوز.
قصائد قيلت في إكرام الضيف في الشعر العربي | |||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما أخي جفوة فيه من الإنس وحشة يرى البؤس فيها من شراسته نعمى وأفرد في شعب عجوزا إزاءها ثلاثة أشباح تخالهم بهما رأى شبحا وسط الظلام فراعه فلما بدا ضيفا تسور واهتما فقال ابنه لما رآه بحيرة أيا أبت اذبحني ويسر له طعما ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا يظن لنا مالا فيوسعنا ذما فروى قليلا ثم أحجم برهة وإن هو لم يذبح فتاه فقد هما فبينا هما عنت على البعد عانة قد انتظمت من خلف مسحلها نظما عطاشا تريد الماء فانساب نحوها على أنه منها على دمها أظما فأمهلها حتى تروت عطاشها فأرسل فيها من كنانته سهما فخرت نحوص ذات جحش سمينة قد اكتنزت لحما وقد طبقت شحما فيا بشره إذ جرها نحو قومه ويا بشرهم لما رأوا كلمها يدمى فباتوا كراما قد قضوا حق ضيفهم فلم يغرموا غرما وقد غنموا غنما وبات أبوهم من بشاشته أبا لضيفهم والأم من بشرها أما |
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّني ما سَرَّني شَيْءٌ كَطارِقَةِ الضُّيوفِ النُّزَّلِ ما زِلْتُ بالتَّرحِيبِ حتى خِلْتُني ضَيفًا لَهُ والضَّيْفَ رَبَّ المَنْزِلِ
وَ مَا رَأَيْتَ المَجْدَ أَلْقَى رَحْلَهُ في آلِ طَلْحَةَ ثُمَّ لَمْ يَتَحَوّلِ ضَيْفٌ لَهُمْ يَقْري الضُّيوفَ ونَازِلٌ مُتَكَفِّلٌ عَنْهُمْ بِبِرِّ النُّزَّلِ
وَ قَدْ عَلِمَ الجِيرانُ أنَّ قُدورَنا ضَوامِنُ للأرزاقِ والرِّيحُ زَفْزَفُ نُعَجِّلُ للضِّيفانِ في المَحْلِ بالقِرى قُدورًا بِمَعْبُوطٍ تُمَدَّ وتُغْرَفُ تُفَرَّغُ في شِيزَى كأنَّ جِفانَها حِياضُ جِبًى مِنْها مِلاءٌ ونُصَّفُ تَرَى هَوْلَهُنَّ المُعْتَفِينَ كَأنَّهُمْ على صَنَمٍ في الجاهِلِيَّةِ عُكَّفُ |
واجبات الضيافة
- ومن تمام الضيافة أن تفرح بمقدم ضيفك، وتظهر له البشر، وأن تلاطفَهُ بحسن الحديث، وتشكرَه على تفضله ومجيئه، وتقوم بخدمته، وتظهر له الغِنى وبشاشة الوجه.
- فقد قيل: البشاشة في الوجه خير من القرى.
- وقال ابن حبان: «ومن إكرام الضيف طيبُ الكلام، وطلاقة الوجه، والخدمةُ بالنفس فإنه لا يَذِلُّ من خدَم أضيافه، كما لا يعِزُّ من استخدمهم، أو طلب لِقرَاه أجرًا».
- وإكرام الناس وسادتهم يقضون هذا الحق، فيقبلون على ضيوفهم، ويرفعون من قدرهم، ويُعلون من منزلتهم، والتقربُ تجمُّلُ الحديث، والبسطُ، والتأنيسُ، والتلقّي بالبشر من حقوق القِرَى، ومن تمام الإكرام.
- وقالوا: «من تمام الضيافة الطلاقة عند أوَّلِ وهْلَةٍ، وإطالةُ الحديث عند المأكلة».
الأداب التي يجب أن يراعيها المضيف مع ضيفه
- تعجيل الطعام، لأن ذلك من إكرام الضيف، قال حاتم الأصم: العجلة من الشيطان إلا خمسة فإنها من سنة النبي محمد «اطعام الضيف، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب».
- إذا عزم على ضيفه بالطعام فاعتذر فأمسك عنه بمجرد الاعتذار وكأنه تخلص من ورطه، كان ذلك علامة على بخله وسوء تصرفه، بل لا يقول لضيفه: هل أقدم لك طعاما؟ فإن ذلك علامة البخل أيضا، بل عليه أن يقدم الطعام.
- وكما قال الثورى: إذا زارك أخوك فلا تقل له أتأكل؟ أو أأقدم إليك؟ ولكن قدم فإن أكل وإلا فارفع.
- ألا يبخل بمائدة، أو يوارى بعض الطعام.
- حكى عن بعض البخلاء أنه استأذن عليه ضيف وبين يديه خبز وزبدية فيها عسل نحل، فرفع الخبز، وأراد أن يرفع العسل، فدخل الضيف قبل أن يرفعه، فظن الرجل أن ضيفه لا يأكل العسل بلا خبز، فقال له: ترى أن تأكل عسلا بلا خبز قال: نعم، وجعل يلعق العسل لعقة بعد لعقه، فقالا له هذا البخيل، مهلاً يا أخى والله أنه يحرق القلب، قال: نعم صدقت ولكن قلبك ".
- ومن الآداب التي يراعيها المضيف كذلك ألا يرفع المائدة قبل أن يأخذ الضيف كفايته من الطعام.
- وكذلك لا يشبع قبله ثم ينصرف ويتركه لأن ذلك يحرج الضيف، بل حتى لو كان شبعانا أن يشاركه أو حتى يوهمه بالمشاركة ومحادثة الضيف بما يميل إليه نفسه.
- ولا ينام قبله.
- ولا يشكو الزمان بحضوره.
- كما لا يكلف نفسه فوق ما يطيق.
- وكذا من السنة تشييع الضيف إلى باب الدار.[11]
انظر أيضًا
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س إقتباس من آيات القرآن الكريم
- ^ ترجمة و معنى كلمة الياقه في قاموس المعاني. قاموس عربي انجليزي مصطلحات صفحة 1 نسخة محفوظة 28 أغسطس 2018 على موقع واي باك مشين.
- ^ إكرام الضيف سمة من سمات المؤمنين | بقجة نسخة محفوظة 10 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ إكرام الضيف - موقع مقالات إسلام ويب نسخة محفوظة 25 يناير 2013 على موقع واي باك مشين.
- ^ ادب الضيافة في الشعر الجاهلي | طريق الإسلام نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ سمو الأخلاق في الشعر العربي الجاهلي - صحيفة الرؤية نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ صحيفة اللغة العربية نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ قيم إنسانية في المجتمع الجاهلي نسخة محفوظة 22 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ الدرر السنية - موسوعة الأخلاق - نماذج مِن كرم العرب وجودهم في العصر الجاهلي نسخة محفوظة 23 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ جريدة الريــاض اليومية [Riyadh Daily Newspaper] نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ آداب الضيافة في الإسلام نسخة محفوظة 08 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
وصلات خارجية
إكرام الضيف في المشاريع الشقيقة: | |